النفحات الرمضانية وإعادة صياغة الحياة الزوجية

هل يمكن أن نستغل نفحات رمضان الإيمانية في إعادة صياغة حياتنا الزوجية؟ 

نعم بل يجب أن يستثمر المسلمون النفحات الإيمانية والعطاءات الربانية لهذا الشهر الفضيل لإعادة وصياغة كل قيمهم وسلوكياتهم وعلاقاتهم عامة، وعلاقاتهم العائلية بصفة خاصة، وأركز هنا على علاقاتهم الزوجية.

يجب أن يظهر أثر العبادة العظيمة التي خصها الله لذاته عز وجل “كل عمل ابن آدم له إلا الصوم؛ فإنه لي وأنا أجزي به” (رواه الإمام البخاري في صحيحه ج2 ص26).

كذلك يجب أن ينعكس أثر ركعات القيام وزكاة الفطر على خلق كل من الزوجين وسلوكه وكل تعاملاته؛ فالله سبحانه وتعالى غني عن عبادتنا، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أَنَّهُ قَالَ: “… يا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا. يَا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا…” (رَوَاهُ مُسْلِمٌ رقم: 2577].

كيف يستقيم أن يحل رمضان بنفحاته الإيمانية دون أن يحدث تغييرا طيبا في علاقة الزوجين؟ كيف يبذل المسلمون كل وجل الجهد لصيام النهار وقيام الليل وبذل المال، ثم تنعم بيوتنا بالمودة والرحمة، كيف نبتهل إلى الله بالمغفرة ونسارع إلى الآخرين لنرد لهم مظلمتهم ونطلب منهم العفو ونحن ظلمين في بيوتنا؟ وننسى توجهات الحبيب صلى الله عليه وسلم “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله”

إن رمضان فرصة لإعادة ترتيب بيوتنا على طاعة الله واتباع سنة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في كل علاقاتنا الزوجية؛ ليخلو كل زوج بنفسه ويعيد تقييم علاقته بزوجه بما يرضي الله، وحتى لا يتبع هوى النفس عليه أن يتذكر الآية العظيمة: {ويل للمطففين} ليقيس علاقته بزوجه بنفس المعيار الذي يقيم به علاقة ابنته أو أخته بزوجها، وما يتمنى أن يكون سلوك زوج ابنته أو زوج أخته معها، ويقارن سلوكه مع زوجته، من واقع مسؤولية القوامة التي حملها الله للزوج، أو الزوجة أي منهما من يرى في نفسه الكفاءة في أن يكون سببا في وضع بيته على طريق المودة والرحمة، مستذكرا “وخيرهما من يبدأ بالسلام”. ولا أخص بحديثي البيوت التي يعشش فيها الشيطان وتفتقد إلى المودة والرحمة، لكن حديثي لكل البيوت ففضل الله لا حدود له وعطاءاته بقدر عظمته، فكم من البيوت أنعم الله عليها بالتوفيق والهناء فيحيا فيها الزوجان وكأنهما في جنة الله بالأرض.

كيف؟

{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (النور: 22).

{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران: 133).

 {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} (الشورى: 37).

 {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (التغابن: 14).

{فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} (الشورى: 40).

Exit mobile version