وسائل التواصل الاجتماعي.. وفشل الزواج

 

تتزايد نسبة الزوجات التي تمنح وسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت الوقت والاهتمام، والأخطر الثقة فيما يُقال عليها، وطلب المساعدة من المجموعات النسائية، ولا نطالب بمقاطعة وسائل التواصل مطلقاً، بل عدم المبالغة.

متابعة المشهورات على وسائل التواصل، وكل منهن تحكي عن حياتها الزوجية الرائعة باستفاضة تؤدي لعدم الرضا عن الزوج والتعامل معه وفقاً للمثل السيئ “عدوك يتمنى لك الغلط”، والمقارنات الخاطئة بين ما تراه وواقعها الذي يختلط فيه الحلو بالمر؛ فهذه طبيعة الحياة، والزوجة أيضاً لا تتعامل أحياناً بحب وبلطف مع زوجها؛ ليس لأنها سيئة ولكن لأنه لا أحد منا رائع دوماً.

“يوتيوبر” اعترف هو وزوجته التي تشاركه الفيديوهات أنهما كانا يحلمان بالتمثيل وفشلا، ويحققان ذلك بهذه الفيديوهات حيث تتضمن بعض التمثيل لجذب الناس وزيادة عدد المشاهدات؛ ولا تنتبه الكثيرات لذلك؛ فليس كل ما يلمع ذهباً.

التحسر على النفس أسوأ ما تحدثه وسائل التواصل بالزوجة؛ حيث توغر صدرها ضد زوجها فتقلل من معاملتها الطيبة له وأحياناً لأهله ولن يرد بالخير الجميل؛ فلا أحد يواجه الجفاء والإساءات بالورود والعطور.

من التحريض المنتشر أن الزوج يجب أن يتحمل زوجته دوماً ويدللها دائماً ويغدق عليها بكلمات الحب ليلاً ونهاراً؛ ولو فعل لشعرت بالملل وعليه أن يحب عيوبها! ولا ندري كيف يمكن حب العيوب مثل العصبية والكذب وقلة التقدير؟!

ومن التحريض أيضاً الربط المتعمد بين الزواج والبدانة وتراجع الجمال وضخامة المسؤوليات والتقليل مما يفعله الأزواج وتصوير الاعتناء بالأسرة والأبناء والزوج كمشكلة بشعة، مع التمجيد في الطلاق أو عدم الزواج والربط بينه وبين الحرية والاستمتاع، وتعمد تجاهل معاناة المطلقة التي لم تتزوج من ألم نفسي ومشكلات اجتماعية وفقدان لدفء الأسرة والوحدة، ومضايقات النساء وخوفهن منهن على أزواجهن.

ومن التحريض المتزايد ضد قيم الأسرة تصوير الرجل بأبشع الصفات كالكسل والخيانة وسوء الخلق، والبعض كذلك لكنهم ليسوا القاعدة، وماذا عن النساء اللاتي يسئن معاملة الزوج وأسرته؟

غضب وخلافات

قابلت زوجة شابة كانت تتحدث بغضب شديد عن الرجال، فاستمعت إليها جيداً ولم أقاطعها ثم سألتها عن زوجها، قالت: بصدق هو محترم ولا يسيء إليَّ ولكنه استثناء؛ فوسائل التواصل تشكو من الرجال!

المشكلة أن ما تقرأه يتسرب لعقلها ويشحنها ضد كل الرجال وستتوقع من زوجها السوء ولو بعد حين، وستفسر أي كلمة عادية يقولها بحسن نية على أنها بداية تحوله لما يفعله باقي الرجال -من وجهة نظرها- وسترد عليه بالأسوأ وتشتعل الخلافات بينهما بلا أي سبب وتقضي على زواجهما الناجح.

الاهتمام الزائد بوسائل التواصل يقلل من وقت التواصل مع الزوج، ويصنع جفافاً عاطفياً إن لم تنتبه إليه الزوجة سيشكل مشكلة قد تصل بها لا قدر الله للطلاق العاطفي، وهو أحد أسباب زيادة نسبة الطلاق والمشكلات الزوجية.

من النصائح المسمومة: افعلي أقل شيء لزوجك ولأسرتك؛ فلن يقدروا مجهودك وستتعبين ولن تجدي من يساعدك، وكتابة منشورات عن أشياء غير واقعية يجب أن يفعلها الزوج لزوجته وإلا يصبح مقصراً ولا يحبها ولا يقدرها؛ كإظهار حبه لها أمام الجميع، ولا نعرف ما الفائدة من ذلك؟ هل تشعر الزوجة بنقص ما وتريد الإثبات لباقي الزوجات أنها أفضل منهن بالحديث عبر المنشورات على وسائل التواصل عن حب زوجها الفائق لها؛ فلا يفعل شيئاً قبل استشارتها ويفضلها على أصحابه وعلى أهله؟

وهذا غير حقيقي، فالزوجة التي تنعم بحب زوجها تخاف الحسد ولا تحكي عنه، ومن تتعمد إغاظة الأخريات بادعاء السعادة تخفي عدم نجاح زواجها بهذه المنشورات التي مع الأسف تصدقها بعض الزوجات وتفسد زواجها وتجلب النكد لبيتها بيديها، وتطالب الزوج بنشر الكثير من الصور الرومانسية لهما سوياً؛ فهي ليست أقل من فلانة التي تفعل ذلك، وإن رفض أقامت الدنيا ولم تقعدها؛ والأذكى الحفاظ على خصوصية علاقتها بزوجها.

حرب وتحدٍّ!

المؤسف عندما تغضب الزوجة من زوجها فإنها تتسرع بالكتابة على وسائل التواصل؛ فتأتي التعليقات القاتلة: كل الرجال يظلمون زوجاتهم، لا تسكتي وردّي بقوة، وكأنها حرب، وتبدأ بعض الزوجات بتصدير مشكلاتها مع زوجها بتحريض غيرها وكأنها تنتقم من زوجها في صورة زوج الشاكية وتفسد عليها حياتها، وتتوهم الشاكية أن من تحرضها تتعاطف معها وتساعدها بمدحها وشتم زوجها.

يكثر الحديث أيضاً عن وجوب تحدي الزوج أهله من أجل زوجته! ونتساءل: لماذا افتراض وجوب الحرب بين الزوجة وأهل زوجها؟ لماذا لا يسود الحب والسلام بينهما؟ ولماذا لا تبني الزوجة الود معهم بدلاً من التحفز وتصيد أي أخطاء وتضخيمها؟ أليس من الذكاء منع الحروب وادخار الطاقات والعمر في إسعاد نفسها وإنجاح زواجها؟

من النصائح الشائعة المغرضة أنه يجب أن يضعها على قائمة أولوياته، وتكون أهم من نفسه وأهله وعمله وأصحابه، ويتحمل نوبات غضبها ويحتويها؛ وليس هناك زوج بالكون يفعل ذلك؛ ليس لبشاعة الرجال ولكن لأن هذا غير طبيعي، والمطلوب فقط الاعتدال والاحترام والود المتبادل بين الزوجين حتى عند الغضب. 

لنتوقف عند التباهي بالممتلكات والنزهات خارج البلاد، وقد سهل “فوتوشوب” للكثيرات الصور وهن ببيوتهن لإغاظة الأخريات أو لجذب الإعجاب!

الحياة أغلى وأهم من أن نضيعها في صراعات، ومن الذكاء تحسين العلاقات مع الأزواج؛ ونوصي بتقليل الوقت المخصص لوسائل التواصل وزيادة الوقت الذي تقضيه الزوجة في الاعتناء بنفسها وبجمالها وبصحتها النفسية والجسدية، وتجديد طاقاتها، وأن تتعامل مع زوجها دوماً كعروس، وتتغاضى عن الصغائر، وتركز كيف يكون كل يوم أكثر نجاحاً وسعادة لها ولزوجها ولأسرتها.

Exit mobile version