مفاهيم زوجية.. لمن البيت؟

تناولنا في الحلقات السابقة:

ونتناول في هذه الحلقة:

بيت الزوجية.. بيت من؟

قد يظن بعض الأزواج أنه بصفته مكلفا شرعا بتوفير بيت الزوجية وتأثيثه والإنفاق على زوجه أن البيت بيته! ولكن الله جل شأنه يقول: “وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا” (الأحزاب: 33، 34). فرغم أن الزوج هو الرسول صلى الله عليه وسلم، وشرف لأمهات المؤمنين أن تنسب البيوت لزوجهن وهو الذي مدحه الله عز وجل {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4)، إلا أن الشارع الحكيم نسب البيوت لزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم والزوجات المسلمات من بعدهن.

هذا ليس فقط في حالة المعاشرة بالمعروف، ولكن إذا ما وقع الطلاق؛ فمن حق المعتدة البقاء في بيتها {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (الطلاق: 1)، أيضا نسب الله البيت للمعتدة، ومن يخرجها فقد تعدى حدود الله وظلم نفسه. كما أن الله نسب البيت لامرأة عزيز مصر {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} (يوسف: 23).

الحالة الوحيدة التي لم ينسب فيها البيت للزوجة هي عند وقوعها في الفاحشة حيث قال تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} (النساء: 15).

من واقع ما يعرض علينا من استشارات، نستطيع أن نؤكد أن الفهم الخاطئ “البيت بيتي” عند بعض الأزواج، يترتب عليه مشاكل زوجية عدة، منها على سبيل المثال:

إحدى المشكلات التي عرضت علينا:

أهل الزوج في بلد آخر، يعمل الزوج تأشيرة لوالدته -جزاه الله خيرا فهذا من بره بأمه- دون علم زوجته، وتفاجأ الزوجة أن الخادمة تعيد ترتيب البيت لتخصيص حجرة لأم زوجها بناء على طلب الزوج –ونؤكد جزاه الله خيرا هذا على بره بأمه– وعندما تستفسر الزوجة يكون رده: “البيت بيتي!  وهل أستأذنك في بر أمي؟” وبناء على هذا المفهوم الخاطئ تدير الأم البيت؛ فالزوج مشتاق أن يأكل من يد أمه. نعم من حق الزوج دعوة أمه، وهذا من صور البر بها، المفرض عليه شرعاً:

تأتي الأم معززة مكرمة لها كل الحق في التقدير والاحترام من زوجة ابنها، لا لتنافسها في بيتها، ولا تقحم نفسها على مملكتها، ولا تتدخل فيما لا يخصها، ويجعل زوجة الابن متلهفة على زيارتها. أما وأن تأتي الأم مستعيدة لدورها كربة منزل متجاهلة دور زوجة ابنها؛ فهذا للأسف تعدٍّ على حق زوجة الابن في بيتها، ويثير المشاكل لأن من حق الزوجة أن تدير بيتها بما يسعدهما ويحقق الأمانة التي في أعناقهما.

للأسف جرى العرف على أن تغادر الزوجة البيت، وقد تصل عدم مروءة الزوج إلى أنه هو الذي يطلب منها ذلك بحجة “إنه بيتي”. إن خروج الزوجة من بيتها ليس فقط كسرا لنفسيتها، بل فيه من المشقة عليها وعلى الأولاد الكثير سواء كانوا بصحبتها أم ظلوا بالبيت؛ لذا وجب على الزوج أن يغادر هو بيت الزوجية.

 إحدى الزوجات كانت شكوتها أنها ضجت من كرم زوجها! نعم.. فدون أن يعلمها تفاجأ بمحادثة بأنه سيحضر بعد ساعة ومعه ضيوف، وأن عليها أن تتصرف في غذاء أو عشاء! وقد تكون متعبة أو مشغولة بالأولاد أو مرتبطة، وإذا ما طلبت منه أن يضيفهم في مطعم، يكون رده “أليس من حقي أن أضيّف أحدا في بيتي؟”

——

(*) استشاري علاقات زوجية وتربوية.

(يمكن التواصل من خلال: 0014169973277 واتس وفايبر وإيمو،  y3thman1@hotmail.com).

Exit mobile version