كم جنت الدياثة على أصحابها!

 

حالة شاذة أخذ كثيرون يحذرون منها؛ تلك هي «الدياثة»، التي ترفضها المجتمعات السليمة، لا سيما المجتمعات المسلمة والعربية، وضمنها الخليجية.

وفي المفهوم العام، فإن «الديوث» هو الذي يرضى الفاحشة والفساد في أهله، ويدعوهم إليها ويأخذ مقابل ذلك المال.

ويؤكد الهجوم الذي شنه مفتي سلطنة عُمان الشيخ أحمد بن حمد الخليلي على «الدياثة»، عبر تغريدة على «تويتر» نشرها مؤخراً، أن هذه الحالة «الشاذة» لها مخاطر كبيرة على المجتمعات.

في منشوره كتب الخليلي قائلاً: «ما أقبح الدياثة، وأسوأ عواقبها، وأخطر آثارها! ناهيكم أن الديوث محروم من الجنة، كما جاء في الحديث أنه لا يدخلها».

وأضاف متحسراً على ما يحدث بالقول: «كم جنت الدياثة على أصحابها!».

وأكد أنه اطلع «على ما لا أحصيه من قضايا الجرائم التي منشؤها الدياثة، فكانت عاقبتها تآمر المرأة وعشيقها على التخلص من الزوج الديوث».

{tweet}url=1614892384969433088&maxwidth=400&align=center&media=false{/tweet}

الأعمال التلفزيونية

أساليب عديدة يرى منتقدو «الدياثة» أنها تشجع على انتشارها وتجملها، وفق ما يوصف بالرقي المجتمعي ومواكبة الحداثة، في تجاوز لعادات وقيم المجتمعات الإسلامية والعربية.

الجذب الفني عبر الأعمال التلفزيونية والسينمائية أحد هذه الأسباب؛ حيث تشجع بعض الأعمال الفنية على نشر «الدياثة» أو تجميلها وإظهارها للمجتمع، وفق ما يرى كثيرون، والحالات عديدة في الأعمال الأجنبية، لكن يبدو أن هذا أخذ يحدث في أعمال عربية وخليجية أيضاً.

ذلك، ما يوضحه مقال للكاتب القطري عبدالعزيز العبدالله، في صحيفة «الشرق»، عنوانه «عُريٌ على الملأ!».

يتطرق العبدالله إلى المسلسلات والأفلام القديمة ويمتدحها؛ لكونها -وفق قوله- كانت «تقدم الإشكاليات التي في المجتمع، اجتماعية، اقتصادية أو قانونية، وتظهر هذا الخلل بشكل واضح، وتعمل على إيصال هذه الرسالة إلى المشاهد بكل أريحية ووضوح».

ويعتقد أن تلك الأعمال قد تكون «ساهمت في حل أو إيجاد حلول أو تصحيح لتلك الإشكاليات، حيث عملت على إيصال رسالة بمعاناة أفراد المجتمع، وأدت إلى لفت انتباه المسؤولين، كل فيما يختص في شأنه، لتصبح هنا الرسالة هادفة، ومن ثمارها البحث عن حلول».

يعتقد العبدالله أن بعض الأعمال تأثرت بالطرح الغربي، «وهذا ذاته ما نراه اليوم في المسلسلات العربية، من دعوى للانفلات الأخلاقي والخُلقي في المجتمعات تحت مسمى «أوبن مايند»، وحضارة، والبُعد عن التخلف!».

يتطرق الكاتب إلى مشهد من مسلسل خليجي، ويقول: «زوج يطلب من زوجته ارتداء ملابس السباحة العارية! فترفض بسبب وجود أصدقائه، ليحاكيها بأن الأمر عادي (فهذا يعتبر من التحضر) ولن ينظروا إليها فهم قد نظروا إلى أجساد كثيرة!».

يقول العبدالله: «مشهد يدعو في باطنه إلى التجرد من الغيرة، ويدعو إلى الدياثة بقبول الزوج بتلذذ الغير برؤية جسد زوجته!».

وحذر من أن «هذه المشاهد المتكررة تعمل على جعل عقل المتابع يألف هذه المشاهد الساقطة، وتكرارها يهدف إلى أن يصل المتابع إلى مرحلة عدم الإنكار والقبول، بل قد يصل في مرحلة ما إلى التشبه بهم».

خطورة وسائل التواصل

بدورها، فإن مواقع التواصل الاجتماعي تمثل «خطراً كبيراً» إن استغلت بالشكل الذي يعتمده كثيرون، حيث يسخّرون هذه التقنيات لنشر حالات غريبة عن المجتمعات الخليجية والعربية السليمة.

ذلك ما يراه الكاتب والباحث السياسي الكويتي ناصر المطيري، في مقال نشره موقع «النخبة» عنوانه «حرمات البيوت وسنابات الدياثة».

يقول المطيري في مقاله: «تفشت مظاهر الدياثة وسفالة الأخلاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل لافت يثير القلق، وأصبحت حرمات بعض البيوت عورات مكشوفة يطلع عليها العامة من الناس، وغاب الحياء، وانعدمت المروءة».

كل ذلك «بسبب بعض ممارسات نشر الرذيلة وانعدام الغيرة بين الأزواج وداخل الأسر الكويتية، التي عُرفت في أغلبها بأنها محافظة تحكمها ثوابت من الدين والأخلاق»، وفق المطيري.

‏ويضيف: «المؤسف أن هذه الفئة التافهة التي تمارس الدياثة على محارمها وأعراضها أصبحت لها نجومية ومتابعة واسعة من الناس».

ويرى أن «الخطورة في الأمر أن ظاهرة انتشار هذه النوعية بدأت تؤثر بشكل واضح على ثقافة جيل من الأطفال والشباب ممن تعلقوا بغير وعي بأدوار التهريج السخيف لهذه الشخصيات الجرثومية».

حملات توعوية

يقول الباحث الاجتماعي د. واثق عباس: إن «الغيرة» شعور أوجده الله تعالى عند البشر بالفطرة، وحتى عند الحيوانات، سوى الخنزير، وعليه فإن «الدياثة» هنا ستكون فعلاً منبوذاً ليس فقط من الملتزمين دينياً، بل حتى من غير الملتزمين دينياً، وهو ما نراه في مختلف المجتمعات حتى غير المسلمة.

ويواصل عباس  متطرقاً إلى «الرجولة» ومعانيها العديدة، لافتاً إلى أن «من معاني الرجولة الغيرة على الأعراض، وهذه ترتبط برجولة المبدأ، والمبادئ لا يمكن أن تتغير مهما تعرض صاحبها لإغراءات، ومن تجره الإغراءات فسيكون فاقداً للرجولة».

يعتقد عباس أن الوقت الذي نعيشه اليوم مليء بالإغراءات والمتغيرات المادية والحسية؛ وهو ما كان وراء ظهور حالات «شاذة» عن المجتمع، أو زيادة عددها، مبيناً أن من هذه الحالات الدياثة التي ظهرت عبر أشكال مختلفة ساعدها على ذلك الانفتاح التقني الذي يعيشه العالم دون وجود محددات أو موانع تقف أمام متابعة هذه الظواهر».

كما يرى عباس أن الحلّ متيسر رغم صعوبة تطبيقه؛ فهو مع صعوبة تحجيم القنوات المختلفة عبر الإنترنت يبقى المنزل والمدرسة والجامعة والمؤسسات الحكومية والمنظمات المدنية ودور العبادة الأساس في تخليص المجتمع من هذه الحالات الشاذة عبر حملات تربوية وتوعوية وتثقيفية.

ويؤكد أن تدعيم تصريحات رجال الدين، مثل ما نشره مفتي عُمان الشيخ أحمد الخليلي، من خلال تعبئة دينية عبر المساجد، وإطلاق مفتين وهيئات دينية من مختلف الأديان، حملات تبين خطورة الحالات السلبية، ومنها الدياثة، يكون له الأثر البالغ في المجتمع، وذلك لكون مجتمعاتنا العربية والخليجية هي مجتمعات ترتبط بالتوجه الديني، بحسب «الخليج أونلاين».

Exit mobile version