الإصلاح لا يأتي بعصا سحرية

الهدم كما هو معلوم سريع وسهل، وأما الإصلاح يحتاج إلى تأن ليقوم البناء على أساس صحيح، والبناء حقيقة يتطلب الصبر، وفهما لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فهما دقيقاً: ” لا تنه عن منكر وتأتي بأكبر منه”.

حقيقة نحن سعداء بما نراه ونعايشه ونسمعه من اتفاق وانسجام ما بين الحكومة والمجلس في التوجه الإصلاحي وتصحيح المسار مستقبلاً، ونشكر الحكومة الموقرة وعلى رأسها سمو رئيس مجلس الوزراءالشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح حفظه الله تعالى، ونشكر أيضا المجلس وعلى رأسه الرجل الحازم رئيس مجلس الأمة الموقر العم أحمد السعدون حفظه الله تعالى.

نعم نحن سعداء بهذا الاتفاق أو التوافق بين الحكومة والمجلس، وهو أمر يؤصل حسن الظن بين الحكومة والمجلس؛ ومن ثم انتشار وتبادل حسن الظن في محطات ومؤسسات الدولة وأفرادها، وهذا أمر طبيعي حينها ولكن..

نعم ولكن.. من الطبيعي جدا في كل بلد تكون هناك المنغصات أحيانا، وهناك أيضا من يسعى من أجل مصالح شخصية فيسعى لتعطيل هذا التوافق الحكومي والتفاهم الشعبي، وهي فئة من صناعة أهل الفوضى السابقين؛ يسعون على نشر ثقافة الإصلاح “السحري!” ولا إصلاح سوى ذلك! ومن خلال هذا الطرح المتعجل يصنعون الانتكاسة؛ ومن ثم التنافر وتبادل القيل والقال والتهم من جديد، ولا يمنع أن هناك من يسمع لهم سذاجةً أم مطمعا، ومن ثم تعطيل التفاهم الذي تم من أجل الإصلاح المستقبلي لعودة التشكيك فيه وفيمن يعمل لذلك من جديد!

الإصلاح لا يأتي سريعا كما الإتلاف والهدم، البناء شيء والهدم شيء. ومثلما يحتاج الإصلاح رجالا من أهل فن الصنعة، وإخلاص وذكاء أيضا.. يحتاج شعبا متأنيا وفيه من الكياسة والفطنة الشيء الكثير.

نعم الهدم سهل ولكن الإصلاح وإعادة البناء والعمار لا يأتي بأمر “عفريت الفانوس / شبيك لبيك!” كما يتصور البعض؛ فهذا الإصلاح لا يتصوره إلا السذج أو من غلبت عليه المصالح الشخصية فيسعى باسم الإصلاح من أجل لخبطة الإصلاح وتعطيله.  

الإصلاح إذا صلحت النوايا وبانت ظواهر إصلاح النية؛ يحتاج إلى تأن من جميع الأطراف، ويحتاج إلى دراسة الوضع بدقة من أجل إصلاح الوضع والواقع السيئ. وأكررها وأقول: الهدم سهل والبناء الحق يحتاج إلى سعة الصدر وتأن وتقويم وتقييم من جميع الأطراف، وعدم التسرع في الحكم على هذا أو ذاك.

نحن بحاجة إلى تطويع أنفسنا للصبر والتأني في هذا الأمر، والصبر على الخطأ ما دامت كل عوامل حسن النية ظاهرة لنا، ومقدمات الإصلاح والاستعداد له ظاهرة لنا وبيّنة، فلا بد أن نتعاون ونطوع أنفسنا على الصبر وامتثالا للأمر، وعدم التشهير باسم التصحيح في حال حدوث الخطأ، فالخطأ وارد ما دام هناك عمل. ولا ينبغي أن نتفاعل مع كل “صارخ” باسم الوطنية وحب الوطن وما شابه.

نعم، بناء المستقبل يحتاج إلى عقول متخصصة وكيسة فطنة تستفيد من الأخطاء، ومن المهم جدا عدم الانجراف خلف صائدي الزلات! وينبغي لنا أن نركز في الصحافة والإعلام على كيفية ضبط هذه الصفات النفسية ومعالجتها ومواجهتها ونضيق منهجها التشهيري، وبيان أن الإصلاح يأتي بالتأني والعمل، وتوقع الخطأ والتصحيح، ولا نتحدث نحن عوام الناس بأسلوب عضو مجلس الأمة، فعضو مجلس الأمة حينما يتحدث بشيء من الجد والصوت المرتفع وأحيانا التشديد، فهذا دوره وموقع عمله يحتم عليه ذلك أحيانا كثيرة، أما نحن عامة الناس فيجب أن نتكلم بشيء من الهدوء وضبط النفس أكثر، والخطأ لا يكون ولا يأتي إلا إذا وجد العمل مع الحرص على تأكيد نية الإصلاح، ونية الاصلاح خير ما تظهر فيه حسن اختيار الرجال وحسن المشورة والمستشارين والتركيز على ذلك .

 أخيرا، لنعلم جميعا أن التصحيح والإصلاح لا يأتي “بعفريت فانوس” إسماعيل يس!

 

 

ـــــــــ

إعلامي كويتي.

Exit mobile version