العلم بين “الفهلوة” والسلفية المزيفة (2 – 7)

 

توقفنا في المقال السابق عند قول البعض في معرفة حركة الأرض وقولهم: لو كانت الأرض بالفعل تدور وتتحرك؛ فهذا يعني أن البلدان أماكنها ستتغير من شرق إلى غرب ومن أعلى إلى أسفل والعكس، وذلك حقيقة قمة الابتعاد عن الحقائق العلمية وقمة ضيق الأفق.

أبدأ بمثل مبسط أضربه لعل هذه النوعية تستوعب حركة المجموعة الشمسية والمجرة، التي أقرها القرآن الكريم والسُّنة النبوية كحركة، التي خاطبت العقول بمفردات حسب كسب العلم والمعرفة في كل عهد وزمان مجاراة لعقلية الإنسان المخلوق الضئيل ورحمة به من الخالق الرحمن الرحيم، عالم العلوم جميعها وخالقها.

مثال: سيارتان تتجهان تجاه المشرق، وكل منهما تسير بسرعة 100 كم في الساعة، ولكن الأولى تتقدم على الثانية بمسافة 10 كم ووزنهما واحد، والثانية خلفها بمسافة 10 كم ووزنها نفس وزن السابقة، وفي الشارع المقابل سيارتان تسير عكسهما، تسير الأولى بسرعة 120 كم في الساعة وهما متجهتان نحو الغرب، والشارعان اللذان تسير فيهما السيارات أيضاً متحركان، ويتحركان بشكل دائري وبكل ما عليهما من أحمال بسرعة 200 كم في الساعة، فماذا نستنتج يا ترى؟

1- السيارتان المتجهتان تجاه المشرق لا يمكن أن تلتقيا أو تتقاربا أو يحدث بينهما تصادم.

2- السيارتان المتجهتان تجاه الغرب لا يمكن أن تلتقيا أو تتقاربا أو يحدث بينهما تصادم.

٣- عدم الشعور بحركة ومسير الشارع ككتلة كبيرة.

٤- تلتقي السيارات المتضادات ذهاباً وإياباً في نقاط تتكرر مثل تكرار الليل والنهار.

٥- سرعة الشارع لو تغيرت اختلت حركة السيارات وتفلتت وانهار النظام.

فحركة الشارع هي حركة المجموعة الشمسية في ذراع أوريون في المجرة، ولا يمكن أن يقبل أن هناك جزءاً يتحرك والبقية ثابتة لا تتحرك، ويبقى النظام كما هو! والله تعالى يقول في كتابة العظيم مؤكداً ذلك: (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (يس: 40).

السؤال: يسبحون هل معناها ثابتون؟! أظن أن هذا جنون إن قلنا المعني بها ثابتون!

نعم الشمس والأرض والقمر والليل والنهار توقيتهما ثابت ودقيق قدره الله تعالى من خلال حركة الكل السابحة المتزنة الثابتة بسرعاتها حول نفسها وحول غيرها، والكل يتحرك ولو توقف أحدها اختل الكل وشاع الدمار! وحركة الأرض أشار إليها الله تعالى بقوله: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) (النمل: 88).

هنا نحذر من ينكر حركة الأرض ونقول له: إنك تضع كتاب الله تعالى العظيم في موقع أقل من مقامه العظيم.

لو جاءك إنسان وقال لك: هذا جبل سنام الثابت القوي سأجعل له قواعد وأعمدة وأوتاداً لتثبيته رغم ثباته فماذا تقول عنه؟! في أقل الأحوال تقول: إنه يجهل عمله وما يقول!

تخيل هذا القرآن العظيم كلام الله تعالى العظيم الأعظم يحدثنا أنه يدعم بالأوتاد ليثبت تنظيم حركة ما هو ثابت (وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً) (النبأ: 7)

ما هكذا تورد الإبل يا أصحاب العقول، لا يميد إلا المتحرك في حال إهمال تنظيم توازنه! وخصوصاً إذا كان أغلب حجمه من الماء، فتكون حركته ليس من السهل السيطرة عليها من غير المثبتات للتوازن والسيطرة على الحركة المطلوبة، وهنا أخاطب عقول البشر وأحول أصحاب هذه العقول وأقول لهم: اسألوا سائقي التناكر الكبيرة التي تحمل الماء كيف هي حركتهم تحتاج إلى دقة وحذر وتثبيت، ولله المثل الأعلى.

الخلاصة: ليس من بلاغة القرآن العظيم وعظمته، وليس من علومه العظيمة التي تعبر عن علم العظيم الأعظم عز وجل، أن يقول: إنه يصنع الرواسي حتى لا يميد فيكم الثابت!

نختم هذه السطور بهذه الآية العظيمة التي تدل على الحركة الكلية المتكاملة بين المجموعة الشمسية سرعة وحركة جملة وتفصيلاً، قال تعالى: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (الأعراف: 54). 

يتبع..

 

 

 

 

 

_______________

إعلامي كويتي.

Exit mobile version