التأطير إعلاماً بين الانحراف والقابلية (4)

 

سنبدأ هذه الحلقة بأقوال نطق بها الرئيس الأسبق لأمريكا أوباما؛ واختزلناها في ذاكرتنا وتدويناتنا، ولا شك هذه الأقوال تدل على تربيته المنهجية وعقيدته السياسية والفكرية، التي هي انعكاس عقيدته التي في جعبته وتشربها من خلال تربيته، فطبيعي تنعكس على توجهه السياسي المتوافق مع المسيرة المجرمة الصهيونية الماسونية العالمية تجاه العرب والمسلمين عموماً، وبالأخص الخليج وجزيرة العرب، خصوصاً إذا ما تتبعنا من جاء بعده كرؤساء مثل ترمب وخزعبلاته وغطرسته التلمودية التوراتية التي ندركها من طريقة ألفاظه ومفرداته وأسلوبه المتعالي المتشرب فكرة “شعب الله المختار” أو جماعة ” الكوكلوس كلان”! ومن خلالها أيضاً نعلم كيف يعمل هؤلاء بالنفس الطويل، وها نحن نعايش نتائج أو بعض نتائج ما رُسم له كما هو ظاهر على لسان أوباما من ذلك الحين!

يقول الرئيس الأسبق لأمريكا أوباما في نقاطه التسع:

1- “المنافسة بين السعودية والإيرانيين غذّت حروباً بالوكالة وفوضى في سورية والعراق واليمن”.

ولا شك كل إنسان ولو له شيء من الذكاء يدرك أنها سيناريوهات ساذجة من أجل الضحك على الشعوب، طبعاً أمريكا الحنون، وتنظيماتها الماسونية بريئة من اللعبة التي تدار في المنطقة، شر البلية ما يضحك!

2- “على السعوديين والإيرانيين إيجاد طريقة للمشاركة في المنطقة وفرض نوع من السلام البارد”.

أي دين شيعي لا يخرج عن إطار إيران المتوافق عالمياً، ودين سُني لا يخرج عن إطار المملكة السعودية، ولكنه متحرر ومتوافق عالمي وأمريكي ولا شك الإبراهيمية وإلا..!

3- “إذا قلنا لأصدقائنا: أنتم على حق وإيران هي مصدر المشكلات، فهذا يعني استمرار الصراعات الطائفية حتى نتدخل، وهذا ليس في مصلحتنا أو مصلحتهم”.

ما شاء الله! حكيم ويتحدث عن أمور غامضة “ملهم”! فلذلك إما السمع والطاعة للتوافق العالمي، وإلا ستتحرك إيران عليكم بقوة، أو قبول الأرضية للإبراهيمية القادمة.

4- “القبلية تدمر الشرق الأوسط، ولا يمكن لأي رئيس أمريكي أن يلغيها، تتجلى بلجوء اليائسين في الدول الفاشلة إلى الطائفية أو العقيدة أو العشيرة أو القرية”.

وهي محور السيناريو لوجود البديل العلماني باقترانه العقيدة بالعشيرة والقبيلة والعرق لاحقاً مع إيران بعد انتهاء مهمتها إلا أنه ما ذكرها -العلمانية- أنها البديل لكل ما ذكر لحساسية الأمر مع المجتمع السعودي حينها لا مستقبلا! وهي أصل الفسيفساء الجغرافية التي تسعى لها الماسونية اليوم استكمالاً لـ”سايكس بيكو” وفسيفسائها.

5- “لن يكون هناك حل شامل للإرهاب الإسلامي إلا أن يتصالح الإسلام نفسه مع الحداثة كما حصل مع المسيحية”!

أي الإبراهيمية وكما فعلت الماسونية في الغرب فسادت العلمانية، وهذا هو الأصل من كلامه واللعبة في المنطقة وهو تفسير النقطة رقم (4)، والله يستر على الوضع الاجتماعي في جزيرة العرب والخليج.

6- “السعودية ودول الخليج هي المسؤولة عن ارتفاع الغضب الإسلامي؛ أي التطرف في السنوات الأخيرة”!

تهديد مبطن وقولٌ ملغم لكل من يتمسك بالإسلام الحق أنه هو الغاضب الذي يصل إلى مرحلة الإرهاب، الغضب الإسلامي الذي يرفضه، وهي رسالة للأنظمة صفوا أهل الحق والاعتدال وخلصونا منهم وإلا..

7- “الإسلام في إندونيسيا انتقل من الاعتدال إلى التطرف بعد أن صب السعوديون والخليجيون أموالهم فيها”.

يؤكد ما قبله، إما العلمانية، وإما أنت إرهابي أيها الخليجي ومصدر للإرهاب ولم نسمح لك بذلك!

8- “في التسعينيات موّل السعوديون بكثافة مدارس وهابية فأصبح الإسلام في إندونيسيا أكثر عروبة”.

تعزيز ما فات؛ تهديداً للخليج واتهامهم بالإرهاب عالمياً، في حال التمسك بالإسلام تحت مسمى “أكثر عروبة”.

9- “لا يمكن لدولة أن تعمل في العالم الحديث عندما تستمر في اضطهاد نصف شعبها؛ أي المرأة”.

قول مكمل لما فات، وكأن المرأة تجلد في شوارع بلاد الإسلام، وما نراه اليوم من تغييرات استرضاء للأسياد، وهو نتاج هذا الخطاب الذي قاله أوباما نظرياً، وجاء به ترمب عملياً ميدانياً، وأخيراً الرئيس الحالي وما نحن نعايشه اليوم من غبش.

حينما ننظر بدقة وتحليل لكلام أوباما، ففي كل نقطة من النقاط التسع تحمل بين حروفها وطياتها البراءة الكاملة للأنظمة العربية أو غيرها في المنطقة التي تريدهم أمريكا، مع تهديدهم بشكل أو بآخر، والقول الضمني في نقاطه يقول: اسمع وطبق وإلا لن نرضى عنك، والتحريض القوي، والواضح، حرباً على الإسلام، وضرب المحور الإسلامي اليوم بالذات، الجزيرة العربية عموماً، وأن إصلاحها وقبولها لم ولن يكون عالمياً إلا بالعلمنة والتغيير والحداثة!

ولا شك واضح فيه التهديد والاستدراج لصغار الخليج من الدول أيضاً، ومن الغباء حقيقة ألا نستشعر، ونحس بدقة، ونستنتج الوضوح فيما قاله أوباما وامتداده اليوم وتقصّده دول الخليج والمملكة بصفتها تحوي الحرمين، والدول الغنية الخليجية أيضاً، ونربطها بتحرك ترمب، ومن بعده بايدن، وحسب فهمنا لمقولة منابع تمويل الإرهاب بشكل أو بآخر، فواجب تجفيف مصادر تمويل الإرهاب؛ أي: هذا الخليج، إن لم يكن سامعاً مطيعاً منفذاً اليوم وغداً، سيكون المعني بتجفيف مصادر الإرهاب، وهو فيه استدراج خطير لإيران أيضاً لتشرب الطعم للتقسيم القادم عليها، في تصوري، كما على غيرها بعد انتهاء مهمتها كما انتهت مهمة الشاه سابقاً!

وأيضاً إذا ما رجعنا إلى لقاء مجلس شيوخه مع مديري المخابرات (سي آي إيه) ما قبل خطابه هذا، الذي ناقش المديرون من أجل تأصيل وتأكيد أن “داعش” وهابية الفكر والعقيدة، وأن المملكة السعودية قائم أساسها على هذه الفكرة الداعشية أيضاً، فرسالة تغيير المستقبل واضحة تماماً! وبعدها يتم التصويت على أن الإخوان جماعة إرهابية، فما فهمها كثير من المحللين؛ إلا رسالة تحمل لهجة ضمنية تهديدية بشكل أو بآخر، وأيضاً في حال التعاون والتعاطف مع جماعة الإخوان المسلمين وخصوصاً فصيل “حماس” وأمثالهم؛ يا خليج يا عربي، ويا مملكة؛ ستكون المملكة، التي هي أكبركم، وعمقكم السكاني، والجغرافي، والاجتماعي، والتاريخي، والعقائدي، هدفاً للطيران الأمريكي من غير طيار لضرب مواقع الإرهاب حينها، وخصوصاً وأن الأرضية أصبحت مطروقة وجاهزة، وفي أي لحظة تفعيل التصويت من جديد، واعتماد قرار إدانة الإخوان المسلمين بالإرهاب يا مملكة، فاحذروا فهذا المحور الضمني للرسالة، ولكن الحمد لله حسب مجريات الأمور نرى المملكة الكبرى تتفهم الأمور بشكل جيد، والحمد لله رب العالمين..

ما أرجوه من القارئ الكريم حينما يقرأ هذه السلسلة من المقالات، أن يضع هذه النقاط المجرمة الأوبامية نصب عينيه، ويحاول أن يربطها بالتحقيق الذي دار بين مجلس الشيوخ الأمريكي، ومديري المخابرات الأمريكية، حول اتهام المملكة العربية السعودية تلميحاً مرة، وأيضاً تعريضاً بـ”داعش” ويدمج بين نتائج حوار مجلس الشيوخ مع مديري المخابرات الأمريكية، ومع النتائج التي يستخلصها في نقاط أوباما التسع، ولا ينبغي أن نغفل بأي شكل من الأشكال العقيدة والفكرة العلمانية وخباثتها، وتوجهها الحالي نحو منطقة الخليج في عهد ترمب، فأوباما نظّر، وبعده ترمب جاء ليطبق، والأمر بين إيران والمملكة وفطنتهم إلى اللعبة التقسيمية القادمة والأدوار المنتهية للموظفين ويربط ما نعايشه اليوم بعد ترمب مع تلك الأحداث الماضية!

نعود إلى الحديث حول العلمانية بشكل مباشر، ولكن من غير نسيان النقاط التسع أعلاه للمتعوس أوباما الذي فرش بنقاطه التسع لمن بعده.

أكرر وأذكر العلمانية في نظري هي الأخطر، فهي أخطر من الشيوعية فكرياً وتربوياً، بل لا أشك قيد أنملة كما أن الاشتراكية مرحلة تمهيدية للشيوعية، فالشيوعية هي المرحلة الفوضوية فكراً، وعقيدة، وعموماً للمنطقة، ومرحلة تمهيدية مهمة جداً تسبق تجذير العلمانية وشرعنتها شرعاً من خلال مشايخ الدروشة والانبطاح، صناعة مكاتب المخابرات! ولا شك وكما ذكرنا؛ أن الاشتراكية والشيوعية ابنتا سفاح للعلمانية، والعلمانية ابنة الماسونية الصهيونية العالمية، كما ذكرنا ونكرر ذلك، إلا أن العلمانية تعمل بالتخفي بطيوفها السيئة المتعددة، حتى تشعر بالتمكين في الوقت المناسب، والمكان المناسب حسب المخطط المرحلي لها.

نتوقف عند هذا الحد، ونكمل في الحلقة القادمة بعون الله تعالى، بادئين بلفتة حول عمل الشيوعية في مرحلتها الأولى من أجل ذبذبة وتخريف المعتقد والفكر، في المنطقة العربية والإسلامية لترويضها، وبعض دول شرق أوروبا، والتي اليوم أصبحت علمانية، بعد ترويضها بالجرم والجريمة الشيوعية تمهيداً للعلمانية المنقذة لهم ومن ثم العولمة مستقبلاً.

يتبع..

 

 

 

 

 

 

____________

إعلامي كويتي.

Exit mobile version