التأطير إعلاماً بين الانحراف والقابلية! (1 – 6)

 

بداية، وحسب العنوان المؤطر أعلاه، انحراف من؟ وانحراف المنحرف عن ماذا؟ وإلى ماذا؟ ومن أجل من يتم التأطير؟

انحراف الأمة انحرافاً تاماً عن دينها وتأطيرها أن لا نجاة ولا كرامة لها إلا بتبني العلمانية وقبولها، وهي ما أعني، وهي لا بالتأكيد الأخطر على الإسلام والمسلمين، ولم يكن هذا التأطير الإعلامي وليداً جديداً، بل كان قديماً ويعمل بالتدريج والبرمجة التراكمية مع الزمن والتركيز في النهاية على العلمانية متنوعة الطيوف الإجرامية، فهي أخطر من الشيوعية الملحدة، لأنها تحمل الإلحاد بأطيافه المتعددة المموهة في باطنها، وهي أخطر من الاشتراكية المرحلية، والبعثية، والقومية الهلامية! وهي أخطر من الباطنية؛ بل هي أصل الباطنية وفروعها، هي الأخطر لأنها هي الأكثر قرباً من النفاق إذا لم تكن عين النفاق هي، فهي حاوية لكل الأفكار الإلحادية الباطنية المتزندقة، وهي تدعم كل من يحمل فكرة تضعف الإسلام، وتقف معه أصلاً أو مرحلياً للنيل من الإسلام، وطبيعتها أو بالأحرى وجدت لتجيد ذلك!

قبل 80 أو 100 عام أو أكثر بقليل نجح الاستعمار من خلال جنوده وعماله من بني الجلدة أن يجعل الأمة لها قابلية للاستعمار بشكل أو بآخر، ولسنا بصدد هذا الآن، واليوم العلمانية تسعى بكل ما تملك لصناعة القابلية لها في بلاد المسلمين؛ ومن ثم اللا عودة إلى الإسلام والخلافة، وإن كان ولا بد فالعمل للإبراهيمية! كما يظن خدمها من بني الجلدة وغيرهم من أجل تسييح الأديان باطلها وحقها! 

أيضاً من حقنا نتساءل في هذه المقالات ونقول وبدقة: ما العلمانية؟! أو بالأحرى؛ ما هوية العلمانية ومحور فكرها وأصلها الاعتقادي والحركي تنظيماً؟

العلمانية كلمة أو مصطلح له الكثير من المدلولات، وهي في كل حقبة زمنية لها تعريف، وبدقة أكثر تمتطي لوناً تعريفياً معيناً؛ وذلك حسب المجتمع والوطن، والزمان والمكان الذي ستدخله من أجل العمل والتدمير.

العلمانية تتلون بشكل جيد؛ بل وممتاز من حيث التمويه، فهي كأمها الكبرى التي فرختها سفاحاً، واحتوتها ودربتها لحرث الأرض واستصلاحها حسب الهوى، لبذر ما تشاء أمها الكبرى الماسونية الصهيونية العلمانية العالمية من البذور الفاسدة التي تريد والمناسبة للمرحلة والأرض المحروثة!

نعم، شاء من شاء وأبى من أبى؛ العلمانية هي الابنة المدللة اليوم لدى الأم الكبرى الماسونية العالمية.

وهي الأكثر حرفية من بنات الماسون كالشيوعية وأمثالها، فالعلمانية ذات طيوف منحرفة عديدة، ولا همَّ لها وبكل طيوفها إلا العمل على تشويه وهلهلة الدين الإسلامي اليوم وإقصائه؛ بل تخريفه وتحريفه وتسييحه باسم الإنسانية والإبراهيمية المزعومة، وبذل كل ما تستطيع من أسباب وأموال من أجل تحريف مصادره الموثوقة والتشكيك فيها.

العلمانية، في تصوري، وحسب معايشتنا للأحداث الدائرة اليوم في الساحة العربية، هي المرحلة المفصلية، وما قبل النهائية بالنسبة للماسونية، وهي تسبق كما أرى “العولمة الكبرى” إذا صحت التسمية، وجاز لي التعبير، التي ستكون هي نهاية اللعبة، “العولمة” الفردية الرأسمالية، وتدار عالمياً من بؤرة الفساد العالمية.

بعد هذه المقدمة والخطوط العريضة جداً، أنقل ما قيل في العلمانية تأطيراً، وتحديداً لمعانيها وتعريفاً! التي من خلالها سنفهم بشكل عام؛ وأيضاً سنتحدث عن أصولها وتاريخها السيئ في أوروبا الذي تسعى إلى تطبيقه بحذافيره في المنطقة العربية والإسلامية وعلى المسلمين بادعاء اشتقاق العلمانية من العلم، وما هم إلا الجهل والكفر بعينه.

يقولون: “العلمانية تعني فصل الحكومة والسلطة السياسية عن السلطة الدينية أو الشخصيات الدينية”.

هذا يعني، كما جاء في بعض شروحها: “وبالإجبار والقوة عدم اعتناق وتبني معتقد أو دين أو تقليد معين لأسباب ذاتية غير موضوعية”.

ما سأذكره في كلماتي الآتية يبين بدقة أكثر شرحاً لأعلاه.

العلمانية تكفل وتضمن عدم اعتناق دين معين، وعدم تبني دين معين كدين رسمي للدولة، أي: تأسيس دساتير لا دينية، وتعادي من ينادي بالدين باسم الدولة والقانون والدستور، وهذا يسهل ويفرش الفرشة الاستباقية لتسهيل وتكوين وتبلور “العلمانية البلشفية” بشكل الخصوص، كما كان يفعل أتاتورك الماسوني العلماني اليهودي المنافق!

نستعرض هذه المقولات والتعاريف لبيان هلامية التأطير والتحديد عن قصد؛ من أجل إطلاق الطيوف المتلونة تمويهاً للعمل، ولكن الهدف يكون هدفاً واحداً ولا غير؛ إقصاء الإسلام وتحطيمه وتشويهه، وذلك واضح للمتابع حينما نلاحظ مطاطية تعاريفها التي تجاري المد والجزر الثقافي للمجتمعات، وتجاريهم كلاً بلونه حسب الزمان والمكان.

العلمانية تؤمن بالإيمان المادي المطلق في كل شيء، فهي تؤمن به إيماناً تاماً بشكل محسوس وملموس، وتنكر كافة الأمور الغيبية؛ وإن دلّس مدلسوها، وكذب كذبتها بغير ذلك، العلمانية تعتبر أساس الانتماء لأي بيئة أو مجتمع المواطنة، ولا تنظر للدين على أنه أساس مهم لتحقيق الانتماء والولاء، وهنا يجب وينبغي أن نتذكر لماذا “سايكس بيكو”، والتفتيت الجغرافي العربي الإسلامي الذي يأكل بعضه باسم الوطن والحدود الجغرافية الضيقة؟

تقول العلمانية أيضاً: إنها منسجمة تماماً مع ادعاءات مجلس الأمن في فكرتها الكبيرة والغبشة؛ “نظام حكم أي دولة عادل تكون شرعيته معتمدة على الدستور في ذلك”، وهكذا يرى العلمانيون، ويجب تطبيق القوانين الملزمة بتحقيق حقوق الإنسان، ومن أجل ذلك يجب أن يكون الدستور خالياً من المواد الدينية ليتماشى عالمياً! أي الولاء للحكومة العالمية الكبرى تحت مسمى مجلس الأمن أو ما شابه!

يسعى العلمانيون دائماً لتشكيل نظم حكم تتزعم البلاد عموماً، وتكون أهم ميزة لهذه الأنظمة أن شرعيتها وأحكامها ونظرتها لجميع الأمور بأنها إنسانية لا دخل للدين فيها! بل لا ينبغي التطرق للدين أو الالتفات إليه على مستوى مؤسسات الدولة! حتى وإن تطلب ذلك إصدار القوانين لتجريم من يحاول إحياء الدين على مستوى المؤسسات أو أفراد لهم تأثير على المجتمع، أو التدريس والتشريع وغيره، مستندين بذلك إلى الدستور الذي يقول: “لا دين للدولة بشكل أو بآخر”، وخير مثال على ذلك تركيا أتاتورك الماسوني العلماني المنافق وأمثاله.

يتبع..

 

 

 

 

______________

إعلامي كويتي.

Exit mobile version