على هامش الهامش 

 

الحرب الروسية الأوكرانية أظهرت لنا حقائق محسوسة ملموسة لكل إنسان منا حتى وإن لم يكن له أي علاقة بالسياسة أو الإعلام، تلمسها بشكل ظاهر وواضح، ويوم كنا في السابق نتحدث عن بعض هذه الحقائق والوضع القادم مستقبلاً والمخيف بسبب التخاذل والتهاون في لمّ شمل الأمة، كان البعض ينظر إلينا نظرة المستهزئ مرة، وأخرى يرانا من المبالغين فيما نكتب ونقول، ويرى أن الإحباط والتشاؤم تملكنا وسيطر علينا، نسأل الله السلامة والعفو والعافية.

بداية، من نعني بـ”هامش الهامش”؟ ومن هذا الذي على هامش الهامش؟ الأصل الكتاب والسطور ومواضيعه، والهامش ليس أصيلاً في الكتاب والسطور، والأكثر منه بُعداً عن الأصل “هامش الهامش”.

“هامش الهامش” عالمياً، حسب ما أرى شخصياً، هي الدول العربية والإسلامية، إلا ما رحم ربي جل جلاله.

ظهر العالم العربي والإسلامي وجامعتهم التي يدعون، أنه لا أصل لهم ولا لمبادئهم ومواقفهم من هذا الجانب أو ذاك الجانب أو الحدث من حيث أخذ القرار وصناعته لذاتهم أم لغيرهم!

كل جهة من جهات الحرب اليوم لا تملك ضغطاً على أحد إلا على “هامش الهامش”، فأوكرانيا ومن معها لا همَّ لهم إلا الضغط على العالم العربي والإسلامي من أجل الضغط على بوتين روسيا، وروسيا وبوتينها لا تجد إلا العالم العربي والإسلامي تنهره وتزجره ليضغط على أوكرانيا وأنصارها، ولا يسمع العرب لأوكرانيا وأنصارها بما يُطلب منهم وإلا!

وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على أن العالم العربي والإسلامي معدوم الحرية والرؤية المستقبلية لهذه الحرب، بل حتى الحاضر الحالي يجهله، ويجهل لماذا هذه الحرب، وعلى أي أساس هي قامت واستمرت، وحتى موقفه منها ومن المتحاربين، والحقيقة أن موقفه -العالم الإسلامي والعربي- موقف المأمور واللا قرار ذاتي تجاه كل حدث يدور كمسلمين وعرب، وذلك بسبب الغلو هامشياً! وهذه حقيقة لا أقولها من باب المبالغة، وسنرى في خواتيم هذه الحرب كيف سيكون الموقف لصالح الجميع، وفي النهاية يدفع الثمن ويغمس في وحل الخدمة والركوع للأسياد والسيادة بازدياد وبكل ذلة لا يكون إلا للعرب والمسلمين، إلا أننا نرى الأمل آتياً لا محالة، كما أعلمنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بيت المقدس وأكناف بيت المقدس”.

هذه الحرب أظهرت موقع الدول العربية والإسلامية في العالم أنهم دون ما نتوقع بكثير، وأنها دول لا وزن لها ولا قيمة في أخذ القرار الذاتي أو الإقليمي أو العالمي، هي دول نعم ولكن مثلها مثل الخشب والماء المجيّر، نعم إن أراد الأسياد أن يؤججوا النيران كنا خشبها التي تحترق لتأجيجها، وإن أرادوا أن يطفئوها تفضلوا علينا أن نكون من يطفئها حسب المصلحة وبالكيفية التي يريدها الأسياد، وبدعم منهم متفضلين علينا!

هذه الحرب، في تصوري، ستكون سبباً آخر يشق المسلمين والعرب، وسبباً باتساع الهوة بينهم، ولكن رحمة الله تعالى في هذه الأمة وصالحيها ومصلحيها أعظم وأكبر مما يتصور العدو والأقزام.

ها هي أمل الأمة فلسطين، اليوم فلسطين والمسجد الأقصى، يسعى الصهاينة سعياً حثيثاً ومكشوف النوايا من أجل الوصول إلى الهدف الذي يسعون إليه؛ هدم المسجد وبناء الهيكل المزعوم مكانه، فأين هي الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي؟!

لا شيء، ولم ولن يحركوا ساكناً لأنهم لا يملكون ذاتهم إلا من رحم ربي! ينتظرون الأوامر من الأسياد بشكل أو بآخر، وحينها إما يكونون خشباً للتأجيج أو الماء حسب الآلية التي يضعها الآمر!

أيضاً، يجب أن نفهم أن هذه الحرب الروسية الأوكرانية لها ما لها من تداعيات اقتصادية على العرب والمسلمين، بل كل مضمونها ومضامين هذه الحرب الغالب عليها حرب اقتصادية، وخطرها التركيز لو دققنا على أموال العرب، فإن أموالهم في خطر، وتشير بشكل أو بآخر أن أموال العرب والمسلمين لم تكن في مأمن وهي في بنوك الغرب، فكل أموالنا عندهم، وهكذا نكون سلمنا لهم طوق قوتنا المعلق بأعناقنا ومع الأسف، نحن في أي لحظة ممكن أن نخسر أكثر من 20 تريليون دولار تقريباً، وهذا المبلغ جزء من حجم الاقتصاد العالمي الذي يقدر بـ90 تريليوناً تقريباً، وللعرب منه 20 تريليوناً وأكثر من ذلك بقليل أو أقل.

السؤال: لماذا الدول العربية والإسلامية لا يكون لهم بنك مركزي عالمي هم يعملون له وفيه مقابل ما تعمل به التنظيمات العالمية الصهيونية باسم الاقتصاد العالمي ومن ثم وضع الطوق في الأعناق وزمام الطوق بأيدي تلك التنظيمات الصهيونية العالمية؟!

Exit mobile version