رسالتي إلى “الإعلام” ووزيرها الموقر

 

أولاً وقبل كل شيء، أسال الله تعالى أن يوفقكم في هذه التغيرات، والله يجزيهم خيراً من كان مسؤولاً سابقاً “ما قصروا”، ويوفق اللاحقين وفي كلٍّ خير، إن شاء الله تعالى، والله يوفق الجميع.

بداية، أبدأ في هذا الموقف الذي حصل معي شخصياً قبل 40 سنة تقريباً أو أكثر بشيء يسير.

دخلت الإعلام عام 1979 قسم التسجيل والمونتاج، وكنت حينها طالباً في المعهد العالي للفنون الموسيقية، وكان مسؤول ورئيس القسم حينها العم علي العيد (أبو وليد) حفظه الله تعالى وأطال الله بعمره.

دربني بتكليف رسمي على المونتاج وتشغيل الأستوديو أنا وبعض الأصدقاء المتدربين معي، تم تكليف فاضل معرفي، وسالم عباس، ود. حمد الهباد، عميد المعهد العالي للفنون الموسيقية قبل فترة، وكان حينها زميل دراسة ولكنه سبقني تعييناً في إذاعة الكويت بقسم التسجيل والمونتاج بسنتين تقريباً.

بعد 4 أو 3 أشهر، جهزنا للاختبار، وتم اختبارنا في إدارة الأستوديو تشغيلاً وتسجيلاً ومونتاجاً، وبالفعل دخلنا الأستوديو وأذكره “أستوديو 3 مونتاج تسجيل”.

كان الحضور في الاختبار رئيس الوردية علي حبيب، رحمه الله تعالى، والمهندس رئيس قسم الهندسة حينها خليل أبوغوش، رحمه الله تعالى، وأيضاً فاضل معرفي، وفيصل المسفر، رحمه الله تعالى، والأخ العزيز سالم عباس. 

عملنا الاختبار في الأستوديو، وشغلت الأستوديو وسجلت للضيف أو المذيع وعملت المونتاج، وكان الموضوع يتحدث عن شيء من التراث الكويتي، وفي أحد الفواصل دخلت بأغنية وطنية.

كانت النتيجة عموماً أنني جاهز لاستلام العمل في الأستوديو تشغيلاً وتسجيلاً ومونتاجاً.

ذهبت بعدها إلى مكتب رئيس القسم حينها العم على العيد، حفظه الله تعالى، وبعد دقائق دخل علينا في المكتب رئيس الهندسة م. خليل أبوغوش، رحمه الله تعالى، وسألني مباشرة قائلاً: يا ابني، يا سامي، ليه دخلت في أغنية وطنية؟

قلت له: ما أقصد شيئاً، كنت قد ركزت على نعومة الدخول ودقة المونتاج أكثر من تركيزي على الفواصل ونوعيتها.

فقال لي وهي “مربط الفرس” وبلهجته الفلسطينية: “اسمع يا ابني، الأغنية الوطنية ما ابتهدرها في كل مكان وأي وقت، وإلا ستخرج من مقاصدها وتسقط معانيها وهيبتها التي يتخللها كلام ولحن، وتكون حينها رنّة نفاق! خلِّ بالك يا ابني..”.

حقيقة لا أدرى لماذا قال كلمة “رنة” حتى اليوم!

الشاهد..

السيد وزير الإعلام الموقر، حفظك الله وسدد خطاك لما يحب ربنا ويرضى.

أرجو أن يتم التركيز على الولاء والانتماء الوطني بشكل أفضل من الشكل الذي نراه من أغانٍ مكثفة، وأحياناً كثيرة نسمع ممن هم حولنا كيف يبدون ضيقهم من ذلك وتكثيفه بشكل مبالغ فيه، وهذا يعني أن العرض نتائجه عكس المطلوب! 

أود أن أذكرك، معالي الوزير، حفظك الله ورعاك، وأذكر لك أمراً نراه دائماً يتكرر على مسامعنا هذه الأيام بشكل مطرد، ولا شك لا يخفى عليكم، كلما ندخل مجلساً أو ديوانية، وبشكل مكرر على مسمعنا: اشترِ بيتاً خارج الكويت وحوّل لك مبلغاً في بنوك بالخارج، ولا أريد أن أكمل ما يقال ونسمعه يتكرر.

هذا أمر لا أعتقد أنه خافٍ عليكم، ولا تخفى أيضاً عدم منفعته إذا لم أقل خطورته وطنياً وولاء! فلذلك، أرى أن تتحول هذه الأغاني والأسلوب الوطني المطروح يتحول بشكل آخر فاعل وأفضل، يتحول إلى برامج سريعة توجيهية مع التركيز على الإيجابيات في البلاد، وبشكل مكثف بفنية عالية ولكن..

نعم ولكن.. بعد الجلوس مع المتخصصين في علوم الإعلام وأهل الخبرات، والحرص كل الحرص على وجود المختصين في علوم الاجتماع، والعمالقة من المتخصصين في العلوم النفسية لرسم الخطط في ترسيخ الولاء وكيفية تعزيز الإيجابيات والثقة وتأصيلها في هذا الوطن أكثر وأكثر مما هي عليه رجاء، وهذا في ميزان حسناتكم أيها المسؤولون في الأعلام وزيراً وغيره، خصوصاً ونحن نعيش حالات غير طيبة في بعض مؤسسات الدولة والاختصاصات والتوجهات في البلاد.

أسأل الله تعالى أن يحفظ الكويت وأهلها، كويت الخير والعطاء والأيادي البيضاء.

Exit mobile version