البهائية العلمانية.. والقرآن الكريم

 

قرأت وكتبت كثيراً عن وفي المذاهب الهدامة وعقائدهم، وكنت أحرص على أن أبين أن بينهم ترابطاً خفياً إجرامياً مع بعضهم بعضاً، رغم الفوارق الزمنية والجغرافية، فهم خرجوا من حفرة سوداء منتنة بتنظيم واحد متلون الإطار الخارجي، ثابت المطلب الضمني والداخلي؛ إقصاء الدين، والتشكيك في مصادره ووسائله بكل الطرق والسبل، والهدف واحد رغم تنوع أسمائهم وكثرتها، فهي لا تخفى على المتابع المدقق لها وفيها.

سأذكر وسأتحدث حول بعض تأويلات البهائية لآيات القرآن الكريم، التي في النهاية متفقة تماماً مع العلمانية والدهرية، ولا تخدم إلا اليهودية التوراتية الماسونية العالمية.

لعل قائل يقول: إن البهائية أصلاً لا تعترف بالقرآن، فكيف تؤوله؟! وما دخل العلمانية في البهائية؟

من حقك أن تقول ذلك أيها القارئ الكريم إذا لم تطلع على عقائد وأهداف هذه المذاهب الهدامة، والخيط التنظيمي الدقيق جداً الذي يربط بينهم.

البهائية تؤول القرآن من أجل أن تقنع المسلم السطحي أن كتابك الذي نحن نؤمن به مثلك ككتاب أنه من الله تعالى، ولكن انتهى دوره، وجاء من يجدد بعده من خلال هذه التأويلات، كما عيسى بعد موسى، ومحمد بعد عيسى، عليهم السلام جميعاً، وهكذا، وهذه التأويلات من أجل إثبات نبوة الميرزا حسين الذي لم يبينها لكم مشايخكم!

نعم، لم تبينها مشايخكم، ولكن الميرزا حسين المجوسي، الذي كان مسلماً من الإمامية الاثني عشرية، وذلك قبل كفره وتطبيقه ما تطلبه منه سيدته الأم الماسونية التي تديره، والعلمانية، وغيرهم من نتوءات إنسانية ومنحرفين، فلو دققنا في البهائية ومحاور دعوتها، لا نجدها إلا متفقة اتفاقاً عميقاً ودقيقاً لمطالب العلمانية، ولكن بأسلوب وتمويه آخر، وهذا هو الفن الماسوني العلماني في فنون الكفر والتضليل واختراق المجتمعات والنخر لتدميرها.

العلمانية لها فراخها الضئيلة وطيوفها الكفرية والباطنية المتزندقة مثل البهائية والبابية، والسلفية الكذوب اليوم، والفرماوية والقاديانية وأمثالهم من أدعياء التجديد وتسييح الأديان كالإبراهيمية، وحينما ندقق في هذه الفراخ نجد لكل مسخ من هذه المسوخ العلمانية منهجاً، ولكن المحور الأصيل والرابط بينهم العمل بكل ثقل والتنفير من الإسلام وفي التشكيك في الأصول العلمية الإسلامية باسم الآتي الجديد المجدد! ومن ثم كل جهد وعمل من أجل إبعاد الإسلام عن حياة المسلم، وإبعاد المسلم عن الأصول الإسلامية ما دق منها وما عظم، وهي مستمرة في صناعة المسوخ بين حقبة وحقبة من أجل القضاء على الدعوة الحق والإسلام، كما نتعايش اليوم مع أدعياء السلفية المزورة!

قالت البهائية وعلى رأسها الزنديق المجوسي الميرزا حسين مدعي النبوة، الذي زعم أنه جاء ناسخاً لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، مدعياً أنها لم تعد صالحة ومقبولة في هذا العصر وهذه الحضارة، وهذه هي بالضبط نفس الأسطوانة العلمانية المشروخة التي تروج لها في كل عصر ووقت، وكلما سنحت لها الفرصة ترويجاً تحت مسميات دعوية متعددة تناسب الزمان والمكان!

قالت البهائية مكرسة وداعية لأفكار أمها الأم الراعية لها العلمانية باسم التجديد والفهم الباطني للآيات القرآنية، قالت في تفسير “إذا الشمس كورت”: أي انطفأت الشريعة الإسلامية وتغير زمانها! وانتهى دورها بالجديد القادم! وأيضاً قوله تعالى: “وإذا الجبال سيرت” المعني فيها باطنياً وقد أظهره الميرزا، المعني بها: “الدساتير الحديثة قد ظهرت”، وهنا ندرك استقتال واستبسال -إذا جاز التعبير- العلمانيين لوأد أي دستور يقول دين الدولة الإسلام! وذلك باسم التطور الإنساني الذي يعلو ويرقى النصوص القديمة التي مضى عليها 1400 سنة! وجاء من يجدد فهمها الجديد وينبه للأصل المعني فيها باطنياً وإظهار الحقيقة الخفية.

والعلمانية دائمًا تدعو إلى تسييح الأديان، والبهائي المجوسي متفق معها بذلك فيقول الميرزا حسين في تفسير “وإذا النفوس زوجت”: إذا اجتمع اليهود والنصارى والمجوس فامتزجوا على دين واحد، وهو دين الميرزا حسين، ويؤكد ذلك في تفسيره الذي يتفق مع العلمانية، في قول الله سبحانه وتعالى: “إذا السماء كشطت”: أي انقشعت الشريعة الإسلامية وانتهى دورها القديم، ولو دققنا بأقوالهم هذه نجدها منهجاً متفقاً اتفاقاً دقيقاً وعلى مر الزمن؛ ماسونياً، علمانياً، ليبرالياً، باطنياً وزندقة، ويقول الميرزا حسين البهائي أيضاً في قوله تعالى: “والسماء مطويات بيمينه”: “القصد منها الأديان السبعة: البرهمية والبوذية، والكونفوشيوسية، والزرادشتية، واليهودية، والنصرانية والإسلام، إنها جميعاً تلك الأديان مطويات بيمين الميرزا” انتهى.

وهذا هو كقول الماسونية الدين واحد للجميع والإله هو “مهندس الكون الأعظم”؛ أي الإله الذي لا صفات له ولا أسماء، فالاسم والصفة تترك لصاحب الدين، إن كان الله فهو الله، وإن كان المسيح فهو كذلك، وإن كان بوذا هو كذلك، وإن كان الفأر أو البقرة أو حتى الشيطان، وهكذا التسييح البهائي العلماني المتفق عليه تماماً مع بعضهم بعضاً، وإن تظاهروا بالتباين والتناقض فيما بينهم، واليوم يحاول البعض أن يعيدها بقدسية معينة ونسبتها إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام باسم “الإبراهيمية”.

السؤال: هل اتفاق البهائية والقاديانية، والعلمانية، والماسونية، على رجعية الإسلام ونصوصه وإنهاء دورها هو من باب الصدف؟!

أظن أنه لا يقول ذلك إلا من كان الغباء ينخر في عقله والحقد يأكل في قلبه!

الحقد العلماني على الدين الإسلامي لم يجد أفضل من أرض المشرق كأرض خصبة لدعوته، وذلك لخصومتها الشديدة والقديمة للإسلام والعرب، وهي أفضل أرض لترعرع تسييح الأديان فيها، وذلك لوجود الحقد الأسود المستقر في نفوس من صنعتهم اليهودية الماسونية تجاه هذا الكتاب الإلهي الخالد، الذي حفظه الله تعالى، وبه يحفظ الإسلام ليسود حتى قيام الساعة.

Exit mobile version