طاعون أغاني “المهرجانات”.. سرطان يدمر القيم الأخلاقية في المجتمعات

 

يمثل تأثير أغاني المهرجانات على الأطفال واحداً من أشكال التنشئة غير السوية لتربية الأطفال، بحسب ما تضمنه من كلمات وتعبيرات سوقية وغير مناسبة لسن الطفل ومستوى تفكيره وخبرته القليلة بالحياة إلى جانب عدم انتقاء هذه الألفاظ الممزوجة بالموسيقى الصاخبة، مقارنة بالأغاني التي يتربى عليها الطفل وتخلق في روحه تعاليم وقيم تربوية صالحة.

وحول تأثير أغاني المهرجانات على الأطفال، يقول د. أحمد علام، استشاري العلاقات الأسرية: إن هذا النوع من الأغاني المسماة بالشعبية الهابطة يؤثر بشكل مباشر على الذوق العام للطفل، واستشهد علام بحالة استشارة نفسية له من أحد الآباء يشكو أن طفله الذي يداوم على سماع “المهرجانات” يستخدم العديد من كلماتها في أحاديثه مع أصدقائه وأهله وجيرانه، مما يعتبرها مشكلة صعبة ويبحث عن طرق للتخلص منها.

ويقول علام: إن أحد الأطفال كان يتداول جملة لأغنية يكررها مرراً وذكرها على سبيل المثال “هاتي بوسة يا بت” التي يستخدمها مع زملائه في المدرسة وخلال تواجده في الشارع، مما أكد أن الطفل لا يفهم معنى الكلمات التي يستخدمها في الأغاني، إلى جانب أنه لا يعرف الوقت الذي تستخدم فيه، منبهاً إلى كثرة سماع مفردات أغاني المهرجانات تجعل الطفل يقولها في غير محلها.

من جهة أخرى، أكد استشاري العلاقات الأسرية أن تأثير أغاني المهرجانات على الأطفال تؤثر على الذوق العام للطفل، وعدَّد أشكال التأثير بين التأثير على اختيار الطفل لملابسه ولحديثه مع زملائه وأقاربه ومن يتعامل معهم، واستطرد: أغاني المهرجانات تعرض قصصاً عاطفية بأسلوب منافٍ لتربية الأجيال باعتبار أن الأطفال سيقومون باستخدام هذه الألفاظ، بحسب بوابة “الوطن”.

ونصح علام الأسرة للتخلص من النتيجة السلبية لتأثير أغاني المهرجانات على الأطفال، أن يهتم أولياء الأمور بما يسمعه أبناؤهم ولا سيما الأطفال والمراهقين، وفي حالة اكتشاف اهتمام الأبناء بأغاني المهرجانات يجب نصحهم ومنعهم، ويضيف: يجب أن يطلق على أغاني المهرجانات لقب أغاني “التوك توك”، لأن ظهورها صاحب ظهور أغاني “التوك التوك”، وقد انتشرت في المجتمع وبين الأطفال من خلال السائقين.

وتؤكد د. سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، لـ”المشهد”: إن انتشار أغاني المهرجانات سببه عدم الاهتمام بالملحن والشاعر الجاد وأصحاب الأصوات الجميلة، وبدلاً من تكريم فنانين عظماء نجد الإعلام يهتم بمحمد رمضان ويطلق عليه “نمبر وان” لأنه يدفع أموالاً للقنوات كي يظهر ويصنع منه بطلاً، وتشير خضر إلى أن هناك أيدي خفية وجهات تمول أغاني المهرجات بالملايين لهدم الثقافة المصرية والفن المصري، ونحن نحتاج إلي وزارة ثقافة قوية ترتبط بالإعلام لإذاعة الحفلات.

وتشير خضر إلى أن هناك أيدي خفية وجهات تمول أغاني المهرجات بالملايين لهدم الثقافة المصرية والفن المصري، ونحن نحتاج إلى وزارة ثقافة قوية ترتبط بالإعلام لإذاعة الحفلات، وتتابع سامية خضر قائلاً: إن أعمال البلطجة والتحرش ومعدلات الجريمة وعمليات الاغتصاب وغيرها من الجرائم والظواهر التي لم يعرفها المجتمع المصري من قبل، زادت خلال الفترة الأخيرة نتيجة انتشار السلوكيات الخاطئة وانحدار الثقافة داخل المجتمع لنحو ٦٠% من الشباب.

وفاقم ذلك غياب تام للدراما والفن الراقي الذي كان يسعى إلى توعية الشعب وتثقيفه وتنويره، موضحة أن هناك حاجة لدور الحكومة ممثلة في وزارتي الثقافة والإعلام لاستعادة هذه النوعية من الفن الراقي وتقديمها للشباب على وسائل التواصل الاجتماعي التي يعتمدون عليها كثيرًا في الوقت الحالي بدلًا من تقديم المهرجانات الشعبية للمواطنين باعتبارها فناً جديداً.

وقالت سوسن الفايد، أستاذ علم النفس السياسي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، حول تأثير أغاني المهرجانات على الأطفال: إن مرحلة الطفولة تحتاج إلى رعاية واهتمام من نوع خاص، حيث يتم فيها بناء الشخصية الأساسية وبناء وتأسيس الفكر، لافتاً إلى وضع المجتمع المصري في مواجهة حروب الجيل الرابع، التي تساهم في بدور كبير في انهيار الدول وهدمها.

وصرحت الفايد أن أغاني المهرجانات موجهة خصيصاً لهدم ثقافة وانهيار منظومة الأخلاق في المجتمع المصري، وتضيف: التفكير الهدمي للمجتمعات الجديد يركز على الأطفال ويحرص على هدم أخلاقهم باعتبارهم لبنة المجتمع الأساسية ودعامة بناء الدول، إلى جانب إشغال المرأة بالمساحيق والمباهج عبر الإنترنت لتتخلى عن مهنتها الأساسية كأم وهي تربية وتنشئة أطفالها.

كما أكدت الفايد أن أغاني المهرجانات تؤثر بشكل مباشر في وجدان الأطفال نتيجة التردد المستمر إضافة إلى النغمة المعينة التي تتكرر في ذهن الطفل، تنفذ هدف الجهة المصدرة للمصرين أغاني المهرجانات، كما لفتت إلى المنهج التربوي الذي يسهم في بث القيم والأفكار الخلاقة إلى ثقافة وأخلاق الطفل ومن ثم نشرها وترويجها في المجتمع.

وتقول الفايد: إن تأثير أغاني المهرجانات على الأطفال يظهر وبصورة واضحة في أسلوب تعامل الطفل وسلوكه، إلى جانب تشيد الروابط الاجتماعية بين أواصر الأسرة، وخلق العديد من الأفكار العديمة الجدوى في الوقت الذي تضر فيه الأفراد وأعضاء النسق الاجتماعي داخل كيان المجتمع كله.

وتؤكد الفايد أن عملية نشر أغاني المهرجانات وترويجها حتى تنتشر في المجتمع تتم بطريقة غير عشوائية، وتضيف: بل تتم بطرق مدروسة وفي مقابل هذا مصر لا تملك سبلاً لمواجهة أغاني المهرجانات وليس هناك خطط مضادة لمواجهة هذا، والدولة حريصة على بناء الآلة عن طريق البنية التحتية والمؤسسات ونسيت بناء الإنسان، بحسب “بوابة الوطن”.

فيما أكد الأستاذ بكلية التربية بجامعة عين شمس طلعت عبدالحميد أن سبب انتشار وإقبال الأطفال والشباب على المهرجانات هو غياب الدور التربوي داخل الأسرة والمدرسة، وهناك ضرورة لاستعادة هذا الدور وتعريفهم بماهية السلوكيات الصحيحة والخاطئة لتحصين هؤلاء الشباب ضد أي ظاهرة سلبية تطفو على سطح المجتمع.

ويتابع: في المجتمعات العربية يعد الإعلام هو المؤسسة التربوية الأولى، يليها دور العبادة ثم المؤسسات التعليمية، وفي نهاية الترتيب يأتي دور الأسرة، لأنها لم تعد كما كان يراها الطفل قديمًا، فحاليًا المسؤولون عن الأسرة خارج المنزل أغلب الوقت.

هناك أيضاً التحصين الداخلي للإنسان وتعريفه منذ الصغر بأنه لا يعيش بمفرده في المجتمع، وأن حريته تتوقف عند حرية الآخرين وأن الحرية مسؤولية، ففي هذه الحالة ستكون السلوكيات الخاطئة نادرة داخل المجتمع.

Exit mobile version