مهلاً.. عزيزي صالح الملا

الأخ النائب الأسبق صالح الملا معروف عندنا بالطرح العقلاني في كثير من مواقفه السياسية، وبالإنصاف في تقييمه لخصومه السياسيين، ويعتبر من شخصيات المنبر الديمقراطي القليلة التي تتحلى بهذه الصفات، لكنه مؤخراً كتب تغريدة خالف فيها سمته وخطه الذي تعودنا عليه، وذلك عندما انتقد بيان جمعية الإصلاح الاجتماعي، الذي دعا إلى وحدة الصف ونبذ الخلاف والتمسك بالدستور، لكن أبا محمد نعته بالركيك، ونعت من كتبه بالتنظير في الوطنية، وقال في آخر التغريدة، وهنا مربط الفرس، «… فكلما طوينا صفحة مشاركتكم في الانقلاب على الدستور عامي 76 و86 فتحتم صفحة جديدة»!

وليسمح لي العزيز بو محمد أن أتوقف عند هذه العبارة قليلاً لما فيها من تحريف للتاريخ القريب، الذي ما زلنا جميعاً نتذكره جيداً، لأننا عايشنا تلك المرحلة، ولنوضح للأخ الكريم من الذي انقلب على الدستور إن كان هناك انقلاب!

من الواضح أن الأخ الكريم يقصد مشاركة رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي آنذاك العم يوسف الحجي، عليه رحمة الله، في حكومة سبتمبر 1976م، وهي الحكومة التي تشكلت بعد حل مجلس الأمة وتعليق الدستور، فاعتبر أن هذه المشاركة انقلاب على الدستور وتصرف غير وطني! وقد يكون محقاً في فهمه وتقييمه، لكن أن ينعت جمعية الإصلاح دون غيرها بهذا النعت فهنا ليسمح لي بأن أذكّره بعدد من الشخصيات التي شاركت في الحكومة المذكورة نفسها، وهل يجرؤ على نعتها بعدم الوطنية!

– حمود يوسف النصف، وزير الأشغال.

– سليمان حمود الزيد الخالد، وزير المواصلات.

– عبدالله إبراهيم المفرج، وزير العدل.

– عبدالله يوسف أحمد الغانم، وزير الكهرباء والماء.

– محمد يوسف العدساني، وزير التخطيط.

– عبدالعزيز حسين، وزير دولة لشؤون مجلس الوزراء.

– يوسف جاسم الحجي، وزير الأوقاف.

فهل يستطيع الأخ المحترم أن ينعت هذه الشخصيات باللاوطنية؟

ومع يقيني بأن المشاركة في تلك الحكومة خطأ جسيم من كل الأحرار والشرفاء والتيارات الوطنية، إلا أن تحديد الخيانة والانقلاب على الدستور بالتيار الذي كان يمثله يوسف الحجي فقط دون غيره فيه الكثير من الإجحاف واللاإنصاف بخلاف ما تعودنا من بو محمد أثناء تقييمه للأحداث!

أما ما ذكره بالانقلاب على الدستور بعد حل مجلس الأمة عام 1986م، فأعتقد أن هذا ادِّعاء جديد لم أسمعه من قبل، لأن التيار المحسوب على جمعية الإصلاح آنذاك كان رافضاً بقوة حل المجلس وتعليق الدستور، ومشاركاً في كل الفعاليات التي أقيمت في تلك الفترة للاعتراض على الإجراء السلطوي المخالف للدستور، بما فيها دواوين الإثنين، وكان تيار الجمعية ممن شارك في تنظيم الدواوين وإدارتها، وكان شباب جمعية الإصلاح في تلك المرحلة هم وقود تلك التجمعات والمسيرات التي أعلنت رفضها لتعليق الدستور، كما أنهم رفضوا المجلس الوطني وقاطعوا انتخاباته واستمروا في هذا الخط إلى أن جاء الغزو الغاشم!

عزيزي أبا محمد..

بدلاً من أن تقيّم أداء تيار كامل ببيان يصدر من جمعية نفع عام تحرص على تجنب الخوض في الشأن السياسي وخلافاته، وتدعو دائماً إلى وحدة الصف ونبذ الخلاف، كان أولى بك أن تقيّم العمل السياسي لهذا التيار بأداء رموزه السياسيين ونوابه في مجلس الأمة، وهو الأداء الذي أزعج الكثير من خصوم الديمقراطية وأغضبهم، وكم كنت أتمنى أن تتوحد القوى السياسية هذه الأيام في وجه المحاولات الحثيثة لوأد الديمقراطية، وهي محاولات جادة بدأت تلوح في الأفق، فإن صرنا نبحث عن عثراتنا ويحفر بعضنا لبعض فعندها سيقول أحدنا: «أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض»!

 

 

 

____________________________

ينشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.

m.alduwailah@

Exit mobile version