حُسن الظن بالله

حسن الظن بالله هو أصل كل حركة وسكْنة وقول وصمت من المؤمن، حسن الظن بالله، توقع كل شيء من الله تعالى جميل، والخير كله فيما يختاره الله تعالى.

وحسن الظن بالله من حسن العبادة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنّ حُسْنَ الظَّنِّ بِالله مِنْ حُسْنِ عِبادَةِ الله”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهو يُحْسِنُ الظَّنَّ باللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ”.

لتعلم أيها العبد أنه من أهم وأعظم الإشارات أو الدليل على حسن الظن بالله استمرار العبد بالدعاء والرجوع واللجوء إلى الله تعالى في كل حال وأي حال.

ولا شك توافق حسن الظن بالله مع حسن العمل اتفاقاً بما يرضي الله تعالى، فحسن الظن لا يلتقي مع سوء العمل، وكما قيل المحسن حَسِن الظن بربه، فالمؤمن أحسن الظن بالله فأحسن العمل، والمنافق أساء الظن بالله فأساء العمل كما قيل.

نعم، وحسن الظن له محاوره الأساسية كما قال العلماء: “المحبة، والخوف، والسعي”.

فالخوف دليل المعرفة بالله تعالى حق المعرفة، والسعي دليل الحب والمحبة من العبد للمعبود، والمحبة دليل عن معرفة العبد كمال وعظمة الرب عز وجل.

حسن الظن بالله تعالى يقين العبد بمغفرة الله له إذا استغفر، ويقينه باستجابة الدعاء إذا دعاه، وهذا من حسن الظن بالله وقوة اليقين لدى العبد، كيف لا والله تعالى يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة: 186)، فقمة حسن الظن بالله من يمتثل معاني هذه الآية اعتقاداً وعملاً، وإن تأخرت الاستجابة لا يقنط من رحمة الله تعالى فأقدار الله كلها خير، ولا يعترض العبد على عدم تحقيق ما طلبه، ولعل المانع خير، وهو الخير لا شك، ولعل الله تعالى قدم له الأفضل بعدم قبول دعوته، بل على العكس العبد الفطن المحسن بالله ظناً إذا تأخرت الاستجابة ظن في نفسه وفتش عن تقصيره الذي كان سبباً لعدم الاستجابة ويجبر هذا النقص في نفسه وعمله، فهذا هو المؤمن الفطن الذي يحسن الظن بربه جل جلاله، وعكس ذلك، حذر الله تعالى الوقوع باليأس؛ قال تعالى: (وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف: 87).

ومن أفضل وأروع إحسان الظن بالله تعالى أن يوقن العبد بأن الله تعالى يعفو عنه ويغفر له ويدخله جنته هذا مع الخوف الدائم من الله تعالى واجتناب معاصيه سبحانه وتعالى.

نعم، حسن الظن لا يأتي إلا بالعمل الصالح والعكس؛ وكما قال الحسن البصري: إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وإن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل.

يقول الإمام النووي في معنى “حسن الظن بالله”: أن يظن أن الله تعالى يرحمه، ويرجو ذلك، ويتدبر الآيات والأحاديث الواردة في كرم الله تعالى، وعفوه، ورحمته، وما وعد به أهل التوحيد، وما ينشره من الرحمة لهم يوم القيامة، كما قال سبحانه وتعالى في الحديث الصحيح: “أنا عند ظن عبدي بي”، هذا هو الصواب في معنى الحديث وهو الذي قاله جمهور العلماء.

العبد الفطن ينبغي له أن يتجنب دائماً المعاصي وغضب الله تعالى، وإذا صدر منه الذنب سريع الرجوع إلى الله تعالى، ويوفق أن رجوعه إلى الله يقابله الله تعالى بالمغفرة على أن يندم العبد على فعله ولا يعود إليه، هكذا يكون العبد قد أصاب حقيقة حسن الظن بالله تعالى.

يقول الله سبحانه مبيناً ظن العبد خيراً بربه في أعماله في الدنيا وأن ربه حفظ له ذلك؛ بينه تعالى بقوله: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ {19} إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ {20} فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ {21} فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ {22} قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ {23} كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ) (الحاقة)، أيام خالية؛ الدنيا.

هذا هو المؤمن حامل بين جوانحه حسن ظنه بربه تعالى في الدنيا؛ وثيقة يظفر بها برضا الله تعالى.

 

 

 

__________________

إعلامي كويتي.

Exit mobile version