الله تعالى يحبك

لا شك أن الله تعالى خلق الخلق عموماً وخلق الإنسان لعبادته هو والجن، وذلك كما بين الله تعالى بقوله: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات: 56).

أما محبة الله تعالى هي ذروة ما يطلبه العبد، وهي منزلة من أرقى المنازل التي يتنافس فيها المتنافسون، وقدم الصالحون من أجلها النفس والنفيس لنيل محبة الله تعالى لهم، وهذه المحبة هي جوهر الإيمان الذي يستقر في القلب ومن ثم تحريك الجوارح، والله تعالى في كتابه العظيم بين للعباد من هم عباده الذين يحبهم فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ) (المائدة: 54).

من أهم العلامات والدلائل على حب الله تعالى لعبده اتباع العبد لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وبيَّن ذلك تعالى في كتابه على لسان نبيه: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران: 31)، وهذا يؤكد أن حب الله تعالى يتلازم في حب العبد المسلم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

نعم محبة الله تعالى لعبده هي بقدر محبة العبد لربه المعبود، وإذا أحبك الله تعالى نادى جبريل وبيَّن له ذلك؛ لينادي جبريل في السماء في ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله تعالى إذا أحب عبداً دعا جبريل، فقال: إني أحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبداً دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلاناً فابغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء أن الله يبغض فلاناً فأبغضوه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.

حب الله تعالى لا يأتي إلا بطاعته واجتناب نواهيه، وهذا لا شك يترتب عليه نعيم الآخرة، وحينما ينادي جبريل في الملائكة بحب الله لفلان يوضع لهذا العبد القبول في الأرض، ويحبه أهل الأرض، وتميل قلوبهم لحبه ومحبته مدحاً وإصغاء له وميلاً لرأيه قولاً وعملاً، وحب الله تعالى للعبد كما قال أهل العلم في هذا، هو استغفار الملائكة للعبد وثناؤهم عليه، ولا شك سبب حبهم له أنه من الطائعين لله تعالى متجنباً نواهيه.

إن الله تعالى يحب عبيده الذين يسعون عملاً بكل ما يحب، فيقول تعالى مبيناً أنه يأتي بمن يحب ويقلع من لا يحب، وذلك بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ)، نعم علامات حب الله لك أيها العبد أن تكون من هذه الجماعة “يحبهم ويحبونه”.

1- أذلة على المؤمنين.

2- أعزة على الكافرين.

3- مجاهدون في سبيل الله.

4- يقولون الحق لا يخافون لومة لائم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سيد الشهداء حمزة، ورجل قال كلمة حق عند سلطان جائر فقتله”، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

ولتعلم، أيها القارئ الكريم، أن من أعلى مراتب الجهاد جهاد النفس الأمارة بالسوء، وهذا سيجد العبد له تداعيات وظلال إيجابية في نفسه وتصرفاته:

1- الحرص الشديد على أداء الفرائض على أحسن وجه يحبه الله تعالى.

2- العمل والإكثار من النوافل والصدقات.

3- الحب في الله والتزاور والتناصح مع المحبين.

4- الصبر على الابتلاء، وهي من علامات حب الله تعالى للعبد.

5- حب الناس لك وقبولك في القول والطرح.

6- كل من يخاصمك يحاربه الله تعالى، فأنت في حماية الله تعالى، وهذا من عظيم بنود الوثيقة التي حفظها الله تعالى للعبد الذي يحبه.

وهكذا يكون الله تعالى سمعه وبصره ويده، فهو عبد يعمل بكل جوارحه ويسخرها لكل ما يرضي ويحب الله تعالى، وهي ختام الدليل والمؤشر لاستحقاقك وثيقة الحب من الله تعالى.

 

 

 

 

 

________________

إعلامي كويتي.

Exit mobile version