السماحة تصنع الحب والتعاون

نعم السماحة تصنع الحب، والحب خير أرضية للتعاون، ولا شك كلمة سماحة هي المعنى الشامل لمعاني التساهل واللين واليسر والتعاون السلس، ولا شك هذه من المحاور الرئيسة في دين الإسلام العظيم والدعوة في سبيل الله تعالى؛ فلذلك.. كان جدير أن يكون دين الإسلام دين التسامح، ليكون الدين الخاتم الذي يحوي كل الأطياف الإنسانية والعرقية، وصالح لهم جميعًا بكل تنوعاتهم إلى أن تقوم الساعة.

من أعظم خلق التسامح في الإسلام العظيم أن الدين الإسلامي ينظر إلى الناس في الحياة الدنيا أنهم بشر، وجميعهم يحق لهم الكرامة والاحترام والتقدير دون أي استثناء، فالإنسان عمومًا مكرَّم محترم في القرآن والسُّنة، وبعكس ذلك يؤثم الإنسان المسلم إن كان تعامله سيئاً مع المقابل، وإن كان المقابل غير مسلم.

ولا يمكن أن يتعامل الإنسان مع الإنسان من منطلق الأصل والعرق واللون وما شابه، فمن سماحة الإسلام وعظمته أن كرم الإنسان عمومًا ليعيش الإنسان بكرامة ومن غير أي تمييز ولا استثناء.

ويرفض الإسلام الحب والتنافر بين الإنسان على أساس الجنس والعرق واللون والجنسية وما شابه، وقننها الله تعالى للثقلين بقوله جل جلاله: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة: 8).

وأيضًا من قمة التسامح في دين الإسلام ظاهر في قوله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (البقرة: 256)، وقوله تعالى: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (الكافرون: 6)، على هذا الأساس وهذه الأصول كانت الكرامة والاحترام والتسامح، تقف على مسافة واحدة من الإنسانية في الإسلام، ومن ثم حرية التعبير في حدود الشريعة، وحق التعايش السلمي، وفي حدود الحقوق والواجبات، وحق إعطاء الفرص للجميع بلا تمييز.

حقيقة، نادرًا ما نسمع أو نقرأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على أحد، إلا أنه كما جاء في بعض الروايات قوله صلى الله عليه وسلم: “اللهُمَّ مَنْ ولِي من أمْرِ أُمَّتِي شيئًا فَشَقَّ عليهم فاشْقُقْ علَيهِ، ومَنْ ولِيَ من أمرِ أُمَّتِي شيئًا فَرَفَقَ بِهمْ فارْفُقْ بِهِ”، فهذا دليل الرفق والسماحة في دين الإسلام من أسوتنا صلى الله عليه وسلم.

من طبيعة الإنسان السوي جبلة أنه يبغض الغلظة ويميل إلى القلوب السليمة الصحيحة المتسامحة، وطبيعة الإنسان السوي أن يميل إلى هذه القلوب الرحيمة المتسامحة الخلوقة، فهذه فطرة إنسانية، ومن يخالفها لا شك هو خرج عن إطار الفطرة السليمة، وهذا التسامح واللين من الأسس التي تنبني عليها الثقافات والحضارات تخالطًا وتعارفًا تسامحًا؛ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات: 13). 

السماحة خلق راق، ودليل طيب التربية؛ وأحسنها في البيت ومع الوالدين، وهي دليل نقاء فكر وعقل، وحصافة رأي.

ولا شك هذه السماحة لها ردود فعل إيجابية على صاحبها كما هي على المقابل، نعم فبالسماحة تصفو القلوب ويسود الود والوئام، وتتلاقى الآراء وتتلاقح المعارف والعلوم، ومن ثم ولادة كل ما هو مفيد وجديد صالح للإنسانية وكرامتها.

ولو تتبعنا ميادين السماحة لصناعة الحب لوجدناها كثيرة، ومن الصعب حصرها، ومن أهمها وأولها حسب وجهة نظري وأهمها السيطرة على النفس عند الغضب، ومن ثم عدم حمل الحقد والتشفي بالمقابل، وهذا لا شك ولا ريب له نتائجه الإيجابية جدًا، وذلك لتحمل أذى المقابل ومقابلته بسعة الصدر وعدم الغضب كردود فعل.

ومن أهم أمور السماحة ما هو ظاهر في قول النبي صلى الله عليه وسلم: “رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى”.

لا شك السماحة في البيع والشراء والدين عظيمة، وأيضًا السماحة في قضاء حوائج الناس، ولا أعظم سماحة من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث كانت أمة من إماء المدينة تأخذ بيده فتنطلق به حيث شاءت فيمضي معها حتى يقضي حاجتها عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.

 

__________________

إعلامي كويتي.

Exit mobile version