لسنا بهذه السذاجة والهوان!

بعد الالتقاء الخليجي المبارك، وبعد المصالحة الطيبة، والتنازلات العاقلة التي تدل وتؤكد تقديم المصلحة العامة للمنطقة على المصلحة الخاصة الحدودية الجغرافية لكل دولة، وهذا من فضل الله تعالى أولًا وآخرًا علينا في المنطقة؛ ثم بفضل العقول الراجحة التي قدرت المواقف بعد التجربة المريرة، والجفوة التي كانت بين الإخوة والأرحام، والحمد لله رب العالمين على ما نحن فيه اليوم من تقارب وصلح وتواد، بين الإخوة والأرحام.

نعم 40 عاماً مضت على إنشاء هذا التجمع المبارك “مجلس التعاون”، ونعتقد أن الإنجازات دون المستوى بالنسبة لطموح شعوب المنطقة، وذلك حسب وجهة نظري الخاصة، ولعل هناك من يخالفني، ولكنني أتحدث عن رأيي الشخصي في هذا الأمر، اليوم نواجه تحديات كبيرة وخطيرة إقليميًا واقتصاديًا واجتماعيًا، ونشاهد بين الغمام الزحف الاجتماعي والأخلاقي الخطير أيضًا يندفع إلى منطقتنا، وهناك الوضع العسكري الذي يعتقد البعض أنه في أي لحظة يكون سيد الموقف!

لذلك أقول: كم كنا نتمنى أن تكون هناك أمور مشتركة بين الأشقاء؛ مثل العملة الموحدة؛ وحل مشكلة التفاوت القيمي بين العملات الخليجية، وكم كنا نتمنى أن يكون للمنطقة برلمان خليجي على الأقل يتخذ القرارات في الأمور الصعبة التي تخص المواطنين والمجتمعات في المنطقة والدول مجتمعة، وهذا من الطموحات التي أراها تأخرت فيها كثيرًا دول مجلس التعاون ولم تنجزها أو تتوجه إليها بشكل جاد.

نعم القمة الخليجية 2021 تم إعلان الصلح فيها؛ وإنهاء المقاطعات مع قطر العز الحبيبة.

ولا شك كان للكويت الحبيبة الدور الفاعل الطيب في هذا الأمر منذ أيام الراحل الكبير طيب الله ثراه، الشيخ صباح الأحمد، يرحمه الله تعالى، وأكمل المسير إلى “القفال”، إن شاء الله تعالى، أمير الطيبة والرحمة صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله تعالى ورعاه، ولا شك كما قالت الصحف في الكويت عنوانها: “نواف حلها”.

مع الأسف، البعض ينظر إلى دول مجلس التعاون نظرة ناقصة حقيقة، ينظر بأن هذا الصلح وهذا الاتفاق العقلاني والمتوازن ما جاء من رجاحة رأي وبُعد نظر ممن تحرك لذلك، بل يشكك البعض مع الأسف بهذا الصلح وهذا التواصل، ويقول: إنه بأمر من أمريكا، وأنه يصب في خدمة أمريكا وإيران، والدليل كما يتوقع البعض أن ترمب سيشن حربًا على إيران بشكل أو بآخر من أجل أن تستمر رئاسته 4 سنوات أخرى، وذلك حسب الدستور الأمريكي! ومن أجل أن يفسد ترمب نجاح بايدن.

أقول: ألهذه الدرجة؟ ألهذا الحد؟ دول الخليج وقادتهم بهذه السذاجة والهوان وبيع الذات؟!

أتصور أن هذا أمر فيه من المبالغات الشيء الكثير، وتدخل عليه روح الهوى والمزاج والحب والبغض عاطفيًا، خصوصًا إذا ما علمنا أن البعض يعشق دائمًا أن يرى دول الخليج في تخلف، وأنها دول دون المستوى، وأنها من الدول التي لا تملك ذاتها في قراراتها المصيرية، فلذلك أقول: “ما هكذا تورد الإبل”، مهما كانت المصالح المشتركة، ومهما كانت أحيانًا المصالح ودورها الفاعل في أخذ القرار، ولكن لا تصل إلى هذا الحد المهين والساذج، كما يحلل البعض ويدعي، ويكفينا فخرًا موقف دولة الكويت الحبيبة من الكيان الصهيوني ومن التطبيع، ولا ينبغي أن نصدق كل من يسطح الجهود الرائعة والمبذولة أو التي بذلت، التي يقوم بها القادة وبالأخص المجهود الذي قامت به القيادة الكويتية للوصول إلى الهدف الرائع المفرح للجميع، الذي نعيشه ونتعايش معه هذه الأيام.

 

___________________

إعلامي كويتي.

Exit mobile version