الإعلام.. وصناعة الغباء (2 – 2)

نكمل حديثنا حول صناعة الغباء من خلال الإعلام.

من أساليب الغباء الإعلامي لتعميم الغباء ثقافة أن نجعل أنفسنا فقهاء وعلماء، وندعي أننا أذكى العالم، وأذكى من أن نلتفت إلى العدو وأسلوب عمله وتخطيطه! وفي الوقت نفسه أن نجعل الأمور السلبية هي ديدننا في استشهاداتنا دون النظر في دقائق الأمور، ومن ثم الاستفادة من تجربة فاشلة نتحاشى الأخطاء من فهمنا لها مستقبلاً.

الاستشهاد فيما هو سلبي وترك الإيجابيات في نفس المسألة أو الموضوع، مثل: إظهار سوء الديمقراطية والأحزاب في دولة عربية، وأن الأحزاب لا تنفع، والشاهد انظروا إلى هذه الدولة أو تلك، وكيف استمرت فيها الحرب الطائفية أو الأهلية أو الحزبية لسنوات عديدة دمرت خيراتها، علماً أن أصغر إعلامي يعلم تماماً أن سبب الحرب في هذه البلاد العربية أو تلك سببها الصهيونية العالمية وخدمها، وليس الأحزاب، أو عين وجود الأحزاب، ولكنها الصهيونية تحرّك بعض عناصرها من داخل بعض الأحزاب والطوائف لعمل الفوضى المنشودة، وفي نفس الوقت الإعلام الغبي يتجاهل نجاح الأحزاب والتيارات في الدول المتحضرة التي تترك التيار أو الحزب أن يضع منهجه العملي للبلاد وخدمتها بحرية من أجل التخطيط المستقبلي، من أجل تطوير البلاد دون تدخل من الرموز وأهل النفوذ، ومن تديرهم المنظمات العالمية لصناعة الغباء! والغريب فعلاً حينما يأتيك شيخ دين أو داعية إسلامي يرفض الاختيار بالتصويت وعرض الامتياز عن طريق الحزب أو التيار والاختيار الشعبي مدعياً أن هذا ليس من الإسلام!

إذاً، ما الآلية التي من خلالها يتم طلب حسن القول واتباع أحسنه في الإسلام؟!

لا شك حينها الفكرة السائدة ضمناً ستكون الانقلابات، وولي الأمر المتغلب هو السيد المصان حينها، ويدير هذه اللعبة حينها العدو مع أهل الأهواء!

كما قيل: لكل داء دواء، نعم لكل شيء علاج، الجهل ينتهي بالعلم والتعلم، والغضب والرعونة تنتهي بالحلم والتحلم، والوصول للهدف نصله بالمسير، وفي البيان تظهر الفكرة، والمرض يتم الشفاء منه بالدواء والعلاج، أما الغباء لا ينتهي ما دام الإعلام يمارسه ويؤصله في الأجيال باسم الذكاء وباسم المعرفة والثقافة والعلم، فهذا الغباء الإعلامي تسيد، وأصبح الإعلام العلمي المنكوس مؤثراً على كل الحياة، فدخل على التعليم ومناهجه فكأن:

1- عبدالناصر البطل القومي ما مثله بطل!

2- صدام حسين رابط عقد الأمة، وبذهابه انفرط العقد وتشرذمت الأمة من بعده!

أي عقد هذا؟ لا أدري!

3- فاسكو ديجاما عالم مكتشف، وهو المجرم المتطرف!

4- غاندي المحرر الإنساني بالسلم، وهو المتآمر مع الإنجليز على مسلمي الهند!

5- النظام السوري من الجد إلى الحفيد، قادة الممانعة في المنطقة!

6- دولة الخلافة العثمانية استعمار تركي للعرب الأبطال والعروبيين الأحرار!

7- لا نهوض للأمة إلا بالعروبة، فكان اليازجي والبستاني وأمثالهما، وتشرذم المسلمون!

8- الهزيمة المنكرة عام 1967م أنها شيء بسيط هي عبارة عن نكسة لا أكثر ولا أقل!

9- تمثيلية عام 1973م تمهيد لـ”كامب ديفيد” أصبحت الانتصار العظيم لأمة العروبة!

10- المتغلب وإن زنا ومارس الشذوذ على الهواء مباشرة لا يجوز الإنكار عليه؛ لأنه ولي أمر ولا ينكر عليه إلا الخوارج وأهل البدع!

11- صلاح الدين الأيوبي مجرم قتل المسلمين!

12- ابن تيمية متمرد وإرهابي متشدد!

13- قراقوش لم يكن مخلصاً، بل هو مجرم حقود ولص متمرد!

14- هارون الرشيد مترف عاشق الدنيا والقيان والغناء والرقص والخمور!

15- لا بد من تطوير الإسلام تطويراً يواكب العصر في الحجاب والخمور والغناء الماجن!

16- السُّنة النبوية غير مقبولة، والصحابة من حقنا نشك بعدالتهم!

17- الخمر ليست محرمة، ولا يوجد دليل على ذلك في القرآن!

18- صيام رمضان ليس فرضاً، بل هو سُنة؛ من أراد الصيام فليصم!

لعلك تتساءل أيها القارئ الكريم قائلاً: أيعقل أن أصدق أن هناك من يقول: رمضان سُنة لا فرض؟!

أقول: الإعلام يستطيع أن يصنع الغباء إذا وجد التجاهل، وعدم بيان صناعة الغباء في الأمة، والأدلة على ذلك كثيرة.

ويكفيني هذا الدليل: هل كانت وسيلة من وسائل الإعلام العربي قبل 30 عاماً تستطيع أن تقول “دولة إسرائيل” في الإعلام؟!

مستحيل.

أما اليوم، وبعد صناعة الغباء الإعلامي، ما صنع في الشارع المسلم، نناقش اليوم العاصمة وحدودها!

 

_____________________

إعلامي كويتي.

Exit mobile version