هل رأى الحب سكارى.. مثلهم؟

تنقسم الأغنية والأنشودة والخطابة إلى 3 أركان: الكلمة واللحن والأداء، يتصدرها اللحن، ثم الأداء، ثم الكلمات، لذلك تجد أغنية لأم كلثوم يؤديها السنباطي بصوته الأجش يطرب لها المستمع لأنه علق في ذهنه اللحن، واللحن يرتبط بالوجدان والعاطفة والأذن، لذلك قيل «الأذن تعشق قبل العين أحيانًا».

وفي أثر اللحن جاء في الحديث: «إِنَّمَا أَنَا بشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ؛ فأَقْضِي لَهُ بِنحْوِ مَا أَسْمَعُ….» الحديث، فاللحن له أسلوب ونمط يخترق القلب والعواطف، حتى لا يفرق المستمع بين الحق والباطل.

وهنا مربط الفرس، فقد يتأثر الناس بما يسمعون دون تحقق مما يسمعون، إما لبلاغة المتكلم، أو لقرب الكلام من الهوى والقلب والعواطف، ولا يستثنى من ذلك لا مثقف ولا عامي، ولا متدين ولا ليبرالي، ولا مسلم أو غير مسلم، لأنها النفس والهوى، حتى يصبحوا كالسكارى مغيبين عن الحقيقة والعقل والمنطق.

وهذا ما تستغله بعض المؤسسات باستخدام وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، بنشر الإشاعة والأكاذيب على مختلف المستويات، المحلية والدولية، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية والأمنية، لتكون الشعوب ضحايا لهم، بل قد تتعداها إلى دول قد تنهار بسبب ذلك، وللأسف قد تكون بأيدي الشعب نفسه باستجابته لتلك الإشاعات أو الألحان دون تحقق من الواقع، أو معرفة المستفيد من ذلك كله.

ولسنا بمنأى عن ذلك الخطر الذي نعيشه يوميًا بوجود منظمات ودول لها أهداف بالإساءة للكويت شعبًا وحكومة ومؤسسات، مستخدمين سياسة فرق تسد، ضاربين الناس ببعضها لمصالح خاصة، فما يجد الليبرالي فرصة إلا وضرب بها الإسلاميين، ولا يجد الاقتصاديون مجالا إلا وضربوا فيه الحكومة، ويستجيب الناس معهم من أهل الهوى متأثرين باللحن وحسن الأداء، دون النظر إلى الكلمات المنقولة والتحقق من مصداقيتها، حتى تصل لمرحلة «إذا خاصم فجر».

ودخل هنا مصطلح «الحرب بالوكالة»، فتجد دولة أو منظمة ما تهاجم دولة ما من خلال مواطنيها وصحفها وإعلامها ومؤسساتها، سواء بالمال أو المصالح أو اللحن، لتنشأ فتنة داخلية عمياء تأكل الأخضر واليابس، وهذا ما تتعرض له الكويت ومؤسساتها ورموزها بين الحين والآخر وسط غوغاء لا يفهمون سوى التكرار كأنهم ببغاوات أو سكارى! وإذا نبهتهم قالوا: منقول، وناقل الكفر ليس بكافر!

وصف جميل للزميل سامي النصف لـ«داعش» بقوله: أما الشباب المتطوعون للقتال فهم حطب نار، وأما القيادة فهي مخترقة وموجهة.

فلا تكونوا أيها الناس حطبا لنار غيركم، فتشتعل قلوبكم غيظا وهمّا حيث لا ينفع الندم، كما قال الشاعر: يا نار شبي من ضلوعي حطبك، فتكون ضلوعك وحقدك وحسدك حطب نار لقلوب الآخرين.. ولوطنكم.

أسأل الله أن ينبهنا ويوعينا ويبصرنا لما يحصل من نشر للإشاعة والفتنة بين الناس بين الحين والآخر، مستهدفة الوحدة الوطنية، واستقرار البلد، وأن يحفظ الكويت وأهلها من كل سوء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ينشر بالتزامن مع صحيفة “الأنباء” الكويتية.

Exit mobile version