ما القوة في الإسلام؟

من أهم وأعز قوة للإسلام تمسك المسلم بالمسطرة التي من خلالها يميز بين الحق والباطل ” الكتاب والسنة “.

نعم هي مسطرة الحياة للمسلم والتي يرسم من خلالها خطواته وتخطيطه، ومواجهاته للحياة وحكمه على عمله وعمل المقابل سلباً وإيجاباً، وعمل الحلول والتعزيز، فهذا لا يكون حقاً للمسلم السوي إلا من خلال هذه المسطرة الأصيلة ” الكتاب والسنة ” وهي مصدر كل أنواع القوة للمسلمين والإسلام، ففيها العقيدة والعبودية، والإيمان والمقاصد الخمس، والتعامل والثبات الذي يزيل الجبال؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لو عَرَفْتُمُ اللهَ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ؛ لَزَالَتِ الجبالُ بدعائِكم “.

من أعظم طرق القوة للمسلم؛ الابتعاد عن المعاصي من خلال هذه المسطرة، والعمل على طرق النجاة والثواب ورضا الله تعالى على أساس منهج المسطرة، وأن يدرك ويعلم من غير أي شك أنه خطاء وخير الخطائين التوابون ومن خلال منهج المسطرة، وأن الاستغفار مصدر من مصادر القوة، وهو باب البركة والقوة؛ قال تعالى: ” استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين “.

اهتم الإسلام بالنفس لتكون من أهم وسائل تبني القوة، فالسلامة النفسية من أجل الاستقرار ومن ثم حسن التفكير وحسن التخطيط، وهذه السلامة تأتي من خلال حسن المعتقد.. نعم أن يعيش المسلم حسن التوحيد والايمان بالله تعالى، وأن الأصل هي الحياة الآخرة، ولا ينسى العبد نصيبه من الدنيا والسعي فيها، وأنها القنطرة التي يعبر عليها إلى الأمان الأخروي، وأنها بعد العبور هي الزائلة كوسيلة، وأن الاقدار والمقادير بيد الله تعالى، وهذا يؤدي بالمسلم إلى الاطمئنان ومن ثم أخذ القرارات الحرة، وامتلاك الذات، وهي تنقذ المسلم من القلق والاكتئاب والاستعباد لغير الله تعالى، وهذه الأمور تجعل المسلم حر حسن التخطيط، يمتلك ذاته من خلال منهج وعقيدة، ويكون قوي الصبر عند الأزمات والفتن والمصائب كما ذكرهم الله تعالى بقوله: ” وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (البقرة 177) ” .

وهذا لا شك يؤهل المسلم لقول الحق وبقوة؛ وكما هو معلوم من أعظم مصادر القوة للإسلام والمسلمين قول الحق من أجل نشر العدالة؛ فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله”.

نعم فالدين الإسلامي يكره الضعف؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير”.. وأسوأ مواقف الضعف وتبديد القوة، الرخاوة أمام المنافقين والكذبة من الناس فلذلك.. نعم..  ” سيد الشهداء حمزة … الحديث “.

أيها المسلم ” احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان”.

من قوة الإسلام تقديم أهل العلم، وأن تكون للعلماء كلمة مسموعة، ويتوقف أمامها وعليها عملاً ونهياً الجميع، فلذلك قال تعالى: ” فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (النحل 43) “.

وقال تعالى في عين القوة بشموليتها: ” وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ…” (من الآية 60 الأنفال).. نعم إعداداً متكاملاً في العقيدة والعلم والحرص على طلبه، والعمل بما نعلم، ونشر العدالة والسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفنون القتال، والتفويض أولاً وآخراً لله تعالى.

اليوم تعيش أمة الإسلام حالة لا تخفى على أحد حيث تكالبت الأمم عليها، وذلك بدأ منذ زمن بعيد ولكنه قبل مائة سنة تقريباً اكتملت مؤامرة العدو لسلب الأمة قوتها بإسقاط الخلافة وصناعة التشظي الجغرافي ومن ثم رفض الشريعة بشكل أو بآخر.

نعم.. نمر اليوم بحالة ضعف ولأسباب عديدة أهمها كما ذكرنا؛ التخلص من أكبر محور من محاور قوة الأمة ” الشريعة والخلافة “.. نعم الخلافة؛ والتي لازال العدو يسيء لها بين فترة وأخرى بداعش ومثيلاتها ليقينه أنها لو كانت وعادت؛ لم ولن تكون له يد قوية على الإسلام والمسلمين، فلذلك يبذل العدو كل ما يستطيع لعدم إعادتها والعمل على تشويهها استباقا بكل السبل والوسائل.

لنعلم جميعاً.. أن التغيير لا يأتي من أفراد ومن رؤوس الأهرام؛ إنما يأتي من القواعد؛ فلذلك.. العدو اليوم يسعى بكل ثقل على أن يجعل العداوات والكراهية في القاعدة وقاع الهرم، فالعدو علم علماً دقيقا بفهم الآية وكلمة ” قوم ” فهماً أكبر من فهمنا لها على ما يبدو فلذلك.. عمل على الجمع: ” القوم “، قال تعالى: ” إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ” [الرعد:11].. وتغيير الحال للقوم يأتي ” بالتآخي بين المسلمين، والحب في الله، وأن أكرمكم أتقاكم لله، والمؤمن القوي خير من الضعيف، والحرية أصل الدعوة، والعدالة لا شك ثمرتها القوة “.

والعدو يعمل بكل ما استطاع من أجل تكريس كل ما هو عكس ذلك؛ نسأل الله العفو والعافية.. 

ــــــــــــــــــ

(*) إعلامي كويتي.

Exit mobile version