هل الإسلام نشر بالسيف؟ (3 ـ 5)

البعض يرى أن التآمر غير موجود على الإسلام، والواقع والنصوص القرآنية ونصوص السنة تقول العكس؛ أن هناك عمل من المخالف للإسلام على تقويض الإسلام ما استطاع؛ قال تعالى: ” وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ… ” والنصوص كثيرة على ذلك في الكتاب والسنة.

هناك مجموعة تعمل من غير قصد، وهناك مجاميع تعمل بقصد رغم تباين أفكارهم وثقافاتهم ودياناتهم؛ ولكن محورها إقصاء الدين الإسلامي والعقيدة السليمة من الحياة اليومية في حياة الناس والدول الإسلامية، وهذا يتطلب منهم عمل التشويه باضطراد.

أيضاً.. نجد هذا التضافر الغريب له آثاراً واضحة على وسائل الإعلام والإنتاج الفني لتعزيز هذه القضية – السيف والدماء – ومن ثم عدم حضارية ومدنية الإسلام والعرب أصلاً، فنجد مثلاً حينما نتطرق إلى العرب ما قبل الإسلام لا نقدم إلا ما يدل على الدماء والعنف مثل حرب البسوس، وداحس والغبراء، إضافة إلى حروب القبائل في بادية العرب؛ وكأنما العرب لا يوجد لديهم قبل الإسلام ما هو طيب.. علماً، أن حسن الظن في أخلاقيات الأمة العربية قبل الإسلام مقبول، وذلك أن اختارها الله تعالى محضناً لختام النبوة والرسائل والكتب.. وأيضا قوله صلى الله عليه وسلم: ” إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ “.

وإن كان هذا من المفاهيم العالمية – حسن الخلق – ولكن منبعه ومحضنه الجزيرة العربية قال تعالى: ” لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ “.

لذلك نرى أن التوجه الذي يتوجه إليه الوسط الفني وتركيزه على كل ما هو سلبي قبل الإسلام؛ ومن ثم الإسقاط السلبي العكسي على العرب والجزيرة العربية.. والعكسي وأعني به إسقاط الماضي الجاهلي على الحاضر، أو إسقاط الحال على ما قبل الإسلام من المثالب الجاهلية والإيحاء بأنه الأصل!

وسواء كان ذلك بقصد أو بدون قصد، نجد التركيز المباشر من جهات الداء العضال بأدبياتهم وفنونهم وإنتاجهم الإعلامي المزدحم طعناً في عهد الخلافة الراشدة، والدول الإسلامية على مر التاريخ، واتهامها أنها ما جاءت إلا بالمخالفات الشرعية والدموية والنفاق! وهذا متزامن مع الطرح ضد العرب قبل الإسلام ومع التوجه العلماني المسيطر على الإعلام؛ والتجاري الذي يسعى للتجارة بأي وسيلة، وغالب أعمالهم وتركيزهم على كل ما هو خطأ أو اجتهاد غير مصيب، مع الفتن في الدولة الأموية وكأنها لا يوجد فيها إلا الطاغية الحجاج، والدولة العباسية كذلك وتركيزهم على أبو مسلم الخراساني وأمثاله، والمنصور والمعتزلة، وإظهار معاقبة الزنادقة على أنه جريمة في حق الإنسانية! وحينما عُرض عمل إيجابي لهارون الرشيد قامت قائمة الخصوم بتغليط النقد للعمل والتاريخ! والعثمانية كذلك لا تقام الأعمال في تاريخها إلا في أواخر سنواتها بعد سيطرة الاتحاد والترقي والتنظيمات الماسونية ويهود الدونمة عليها، ومن ثم سفكوا الدماء ونشروا الظلم والطغيان وكأنها خلافة لا تاريخ لها إلا هذه الحقب العنيفة الظالمة!! (الماسونية / الاتحاد والترقي/ يهود الدونمة) لمساواتها بالاستعمار المغتصب، وهي بالأصل ما كانت تلك التنظيمات الماسونية إلا من أجل إسقاط الخلافة العثمانية والخلاص من شيء اسمه خلافة إسلامية.

نعم أيها القارئ الكريم.. ما أسهل الكلمة أو الجملة (الدين نشر بالسيف!) هي لا تتعدى أربع كلمات ولكن الرد عليها يحتاج إلى رؤية وفكر ثاقب، وبعد نظر في مفهوم الجملة لتبيان الخطورة الحقيقية على الأمة، ليكون مقنعاً في ردوده سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

اعلم أيها القارئ الكريم، أن الخصوم الخمس الذين أسلفنا ذكرهم يعلمون خطورة قولهم هذا وفعله في الأمة، ويعتبرون هذا التشكيك هو المدخل الأفضل، وهو المولج إلى الزاوية العمياء الأفضل والتي من خلالها يخترقون الأفكار والأفراد والمجتمعات لصيد الأغلبية التي من الطبيعي جداً أن لا تكون لها الخلفية التخصصية في هذه الأمور ككتلة جماهيرية، وأيضاً في هذا الطرح يتم فيه صيد أهل الأهواء وصيد البلداء أهل الدّعة، ولو جمعت هؤلاء ستجدهم يمثلون أغلبية المجتمعات وهذا أمر طبيعي؛ وهذا ما يعتمد عليه أهل الشبهات والمتشابه لنشر الفتن، وحينما تخرج الحقيقة والردود تكون الفتنة أخذت حقها الزمني وأخذت حاصلها في الأفراد والمجتمع نسأل الله السلامة والعفو والعافية.

ـــــــــــــــــ

(*) إعلامي كويتي.

Exit mobile version