المحبة والأخوة في الله تعالى

من أعظم وأرقى الشعور الإنساني وأنبله الحب والأخوة في الله تعالى.

نعم أيها القارئ الكريم، الحب في الله يعني أن الإنسان تجرد من هواه وشهوات الذات، وأصبح ينظر إلى المقابل بمقياس يحبه الله تعالى ويحبه رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ومن ثم لا شك ولا ريب تكون الأخوة في الله هي السمة الظاهرة على المسلم الفرد ، وعلى المجتمع المسلم ومن ثم تقديم الميزان الشرعي على كل ميزان عرقي كان أو وطني أو قومي، ومتى ما كانت الأخوة في الله أصلاً من أصول حياتنا وثقافتنا الفردية والجماعية إذا جاز التعبير؛ سنكون أمة تهابها الأمم، وتحسب لها الحسابات، ولا تنظر لها إلا نظرة الند لا نظرة العامل الذي تستعمله ومن خلاله تقضي حوائجها “بالريموت”!

الأخوة في الله تعالى وثاق إيماني يقوم على دين الله تعالى، فلذلك لا شك ولا ريب هذه المحبة والأخوة تنطلق من حب رضا الله تعالى وتقواه جل جلاله، ولا شك الأخوة في الله والمحبة فيه هي ترجمة حقيقية وعملية لتطبيق “الاعتصام بحبل الله تعالى”.

نعم أيها القارئ الكريم، وهذه المحبة والأخوة في الله تعالى هي مكرمة أكرم الله تعالى فيها عباده، يكرم الله تعالى فيها من يشاء من عباده، ولا تحتوي هذه المحبة والأخوة في الله إلا القلوب الرائعة، التي تتعالى عن وعلى كل شيء إلا دين الله تعالى ورضا الله تعالى، قلوب المخلصين من عباده وأصفيائه المتقين، ولا شك أيها القارئ الكريم، نظر الله تعالى لهم، ومكن فيهم صدق الإيمان والإخلاص والعافية المدموجة في شرع الله تعالى ورضاه، فكانت تلك الخصلة فيهم وهم جديرون فيها ولها بفضل الله ومنته تعالى.

نعم، فهذه المحبة والأخوة في الله تعالى هي من الصفات التي لا تنفك عن صفة الإيمان النقي، قال الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات: 10)، كما أنه لا أخوة بلا منهج أو أرضية وبنية تحتية، إذا صح التعبير.

نعم، وهذه البنية التحتية للمنهج هي تقوى الله تعالى، التي من خلالها يسعى المسلم إلى جنة الخلد والنجاة من النار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا..”، هذه الأخوة والمحبة لا تستمر ولا تدوم إلا بالأرضية الإيمانية لا المصالح الدنيوية وتبادل المصالح والمنافع، فهذه المنافع الدنيوية لا تؤدي بالمؤمن إلى المراد؛ كما هي المحبة والأخوة في الله تعالى التي توصله إلى المراد، نعم المحبة والأخوة في الله تعالى التي تجعل المؤمن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله، ومحبة المنافع والماديات لا توصل إلى جنة الخلد وظل الله تعالى، عكس المحبة في الله كما بين في السنة؛ ومن أحب أخيه في الله تعالى أحبه الله تعالى.

فلنحرص إخواني في الله عليها؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى، فأرصد الله تعالى على مَدْرجته ملكاً، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمة تربها عليه؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله تعالى، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه”.

نعم، الأخوة والمحبة في الله تعالى ترتفع وترقى حدود الماديات والتعارف والتزامل المادي، وهذا ما حرص عليه النبي صلى الله عليه وسلم حيث المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، فكانت بين المسلمين الأنصار والمهاجرين أساساً لتقوم عليه دولة الإسلام وهي “التعاون، والحب، والعدل”، وما كان التميز بين الإنسان وأخيه إلا بالتقوى، فزالت العصبيات الجاهلية، والتعالي في الأنساب والجاه والمال والتاريخ، فكانت أمة جديرة بقيادة الإنسان والإنسانية، فلذلك أخي الكريم.. لا تستغرب اليوم من تركيز العدو وبذل كل ما يستطيع من جهد لصناعة التعالي بين الأفراد المسلمين وتكريس الكراهية بينهم باسم الأوطان، وباسم الأحزاب والأنساب، وباسم الحضارات البائدة، وذلك من أجل صناعة كراهية الشعوب المسلمة فيما بينهم لتلاشي الأخوة والمحبة في الله بين المسلمين كشعوب؛ وذلك من أجل سهولة السيطرة عليهم بعد نشر الكراهية، والعدو يعتمد في هذه اللعبة على مدى نباهة الشعوب التي تتردد ما بين الغباء والذكاء! فإن مالت إلى الذكاء فشل العدو وخاب، والعكس صحيح!

أحبابي في الله:

الله الله في الأخوة والمحبة في الله تعالى، احرصوا عليها؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ..”، ومنهم “رَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه؛ اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ”.

واحذروا احذروا.. نبأ الفاسق!

 

________________________

(*) إعلامي كويتي.

Exit mobile version