رحلتي مع مجلة «المجتمع»

في منتصف سبعينيات القرن الماضي وبعد خمس سنوات فحسب من صدور مجلة «المجتمع»، بدأ تعاملي معها بمقال يحمل عنوان «القرآن والبعد الزمني»، ثم ما لبثت بعد أسابيع قلائل أن أعقبته بمقال آخر يحمل عنوان «مواقع العلم والدين»، راحت بعدها مقالاتي تترى من خلال مقال أو مقالين في كل شهر؛ حيث كانت المجلة تصدر أسبوعياً منذ تأسيسها وحتى سنوات قلائل.

في العقدين الأخيرين من القرن الجديد، تحولت لكتابة المقال الأسبوعي في صفحة المجلة الأخيرة، واستمر ذلك حتى عهد قريب عندما تحولت إلى مجلة شهرية إلكترونية، بجانب تقليص المنشور ورقياً منها إلى عدد محدود.

كنت أحس بسعادة غامرة وأنا أرى رئاسة تحرير المجلة وهيئتها ترحب بتواصلي المستمر معها؛ فكان ذلك بمثابة المحفز الذي يدفعني لبذل الجهد من أجل تغطية المطلوب عبر مقال يُنشر كل أسبوع، ولن أكون وفياً مع «المجتمع» إن لم أعلن أنها من بين عدد محدود من المجلات التي تعاملت معها بشكل شبه مستمر من مثل «الأمة» و»الدوحة» القطريتين، و»المسلم المعاصر» المصرية، و»العربي» الكويتية، كانت أحد العوامل الأساسية في استمراريتي على الكتابة والتأليف؛ حيث أتيح لي أن أنشر عشرات الكتب في سياقات التاريخ والحضارة والفلسفة والمنهج والفكر الإسلامي والأدب الإسلامي تنظيراً ونقداً وإبداعاً، ومن قبل هذه المجلات كانت «حضارة الإسلام» الدمشقية هي الأخرى مما كنت أنشر على صفحاتها مقالاتي المتواصلة شهراً بشهر على مدى عشرين عاماً قبل أن يصدر قرار بوقف المجلة.

المجلات المذكورة كلها توقفت عن الصدور فيما عدا «العربي» و»المجتمع»، وها هي أخراهما تجتاز رحلة الخمسين عاماً من الكفاح المتواصل في إيصال الخطاب الإسلامي الأصيل والفاعل إلى ضمير الأمة وعقلها ووجدانها، وما ذلك إلا بسبب من قدرة القائمين عليها في إخراجها بالشكل والمضمون الذي يعرف كيف يتعامل مع جماهير القرّاء والمثقفين.

وإذ تحتفل المجلة في عددها هذا بـ»يوبيلها الذهبي»، فإنني أدعو الله سبحانه أن يوفق العاملين عليها بأن يواصلوا الطريق إلى المحطة التالية؛ «اليوبيل الماسي»، بنفس القدرة من الإبداع الذي يعرف كيف يخاطب آلاف المتابعين في البلدان العربية والإسلامية، ويتابع بمعاييره الأصيلة ما يجري في الساحة الإسلامية عبر مشارق الأرض ومغاربها.

فهنيئاً للمجلة في عيدها الخمسيني هذا، وهنيئاً لكل من أسهم في الكتابة على صفحاتها، ولكل القائمين عليها، ودعواتنا القلبية بأن يوفقها الله سبحانه لكي تواصل رحلتها المباركة والميمونة هذه.

Exit mobile version