المعارضة التركية تعاني من الخلافات الداخلية

قبل أيام قليلة حدثت أزمة ما زالت تتفاعل داخل حزب الشعب الجمهوري -أكبر حزب معارض- وقد كانت بدايتها عندما حصل أحد الصحفيين على تسريب من شخص داخل الحزب أكد له أن أحد شخصيات الحزب التقى سراً مع الرئيس أردوغان في القصر الرئاسي لترتيب قيادته للحزب في المستقبل والحصول على الدعم، وقد نشر الصحفي الخبر في صحيفة “سوزجو” المعارضة، وهو الأمر الذي نفاه رئيس الجمهورية وحزب العدالة والتنمية، وأدى إلى اعتذار الصحفي الذي نشر الخبر.

ولكن عندما ظهر رئيس الحزب كمال كليجدار أوغلو على قناة تلفزيونية مؤكداً حصول مثل هذا اللقاء مع تحفظه على ذكر اسم الشخص، قام الرئيس أردوغان بتحديه بإثبات ذلك، وأنه في حال أثبت ذلك؛ فإن أردوغان سيترك الرئاسة، وقال أردوغان في خطاب أمام حشد من أنصاره: إنني مستعد للاستـقـالة من رئاسة الجمهورية مباشرة في حال أثبت صحة مـزاعم لقائي بنائب من حزبك، فإن لم تستطع إثبات ذلك، فهل تتعهد بالاستـقـالة من رئاسة حزبك كما أتعهد أنا؟ وذلك في مخاطبته لكليجدار أوغلو.

وقد أدى هذا النفي القاطع من الرئيس إلى إعادة الكرة داخل ملعب حزب الشعب الجمهوري، حيث تدور منافسة شديدة على الزعامة ومستقبل الحزب بين الرئيس الحالي كمال كليجدار أوغلو ومنافسه على رئاسة الحزب ومرشح الرئاسة السابق محرم إينجه الذي كانت أصابع الاتهام داخل حزب الشعب الجمهوري تشير إليه أنه الشخص المقصود في اللقاء مع الرئيس.

لكن إينجه هو الآخر نفى بشدة أن يكون التقى مع الرئيس، مؤكداً أن هناك ألاعيب تحاك ضده من داخل حزبه وليس من المنافسين.

وقد تحدى إينجه قائلاً: إنه مستعد لحرق نفسه في ميدان تقسيم الشهير بإسطنبول إن ثبتت صحة ما يدَّعيه الصحفي الذي سرب الخبر رحمي طوران.

ويعتبر إينجه منافساً قوياً لكمال كليجدار أوغلو على رئاسة حزب الشعب الجمهوري، وقد نافسه في أكثر من مرة وحصل على أكثر من نصف أصوات كليجدار أوغلو، كما أن لديه شعبية كبيرة خارج صفوف الحزب ولجنته الانتخابية.

في حال استمرت هذه الأزمة داخل حزب الشعب الجمهوري مع وجود من يلمح أن هذه الأزمة هي لفتح الطريق لأكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول الحالي، الذي يتصرف كشخصية سياسية أكثر من كونه رئيس بلدية، ليشق طريقه في ظل خلاف كليجدار أوغلو، ومحرم إينجه أو بترتيب مع كليجدار أوغلو نفسه إلى الترشح للرئاسة كهدف نهائي بعد فوزه الكبير في الانتخابات البلدية، فإن الحزب قد يتعرض لتشتت أصواته في حال تفاقم الخلاف وقيام إينجه على سبيل المثال بالترشح كمستقل أو قيادة عمل مناكف ضد حزبه.

من زاوية أخرى، يعيش حزب الشعوب الديمقراطية حالة من التراجع، حيث تفيد الكثير من الاستطلاعات أن نسبة تأييده تحت العتبة الانتخابية؛ مما يعني أنه وفق الأرقام الحالية لا يستطيع أن يدخل عتبة البرلمان، كما أن الأوساط الكردية تبحث حالياً عن بدائل للأحزاب الكردية السياسية الحالية بسبب الانغلاق الحالي.

أما الحزب الجيد بقيادة ميرال أكشينار فهناك تباعد ملحوظ بينه وبين ناخبيه يتزايد يومياً، وهذا يسري أيضاً على حزب الحركة القومية.

قد يستفيد حزب العدالة والتنمية من التراجع الذي أصاب المعارضة التركية، ولكن في حال استطاع التوصل لحلول قوية لمشكلات الاقتصاد وتعامل مع الاستياء الداخلي من وجود اللاجئين السوريين بشكل ذكي وحكيم، فمشكلة الاقتصاد واللاجئين السوريين هما مشكلتان تحتلان الصدارة في توجهات الرأي العام بخصوص المشكلات.

من زاوية أخرى، فإن كثيراً من الناخبين الذين صوتوا سابقاً لكافة الأحزاب التركية هم حالياً في حالة من التردد لإعادة التصويت لنفس الأحزاب؛ مما يفتح باب التنافس من جديد، ولكن حقيقة أن أحزاب المعارضة الثلاثة الكبرى الموجودة في البرلمان تعيش تراجعاً وخلافات داخلية ومع ناخبيها هو أمر يصب في مصلحة حزبي العدالة والتنمية، والحركة القومية؛ لأن تكتل الأحزاب الثلاثة بكامل قوتها يعد مهدداً قوياً لأصوات حزب العدالة والتنمية، والحركة القومية، كما رأينا في الانتخابات البلدية الأخيرة في إسطنبول وأنقرة.

وكما هي تبقى السياسة التركية عرضة للتأثر بالمتغيرات الداخلية والخارجية وتعد 24 ساعة وقت طويل في السياسة التركية كما قال الرئيس التركي الراحل سليمان ديميرل.

Exit mobile version