لا تظلموا هذا المجلس

يكاد يجمع الناس في الكويت على ضعف أداء مجلس الأمة الحالي، ويقللون من إنجازاته، ويتهمون عهده بأنه أكثر عهد ظهرت فيه التجاوزات المالية وانتهاكات المال العام، ويتوقع الكثير منهم أن حله قادم لا محالة غير مأسوف عليه، ونسمع مؤخراً الكثير من التهكمات والسخرية من تصرفات بعض أعضائه، ويعيبون على رئيسه سوء علاقته مع معارضيه، وتدخله بالأمور التنفيذية للوزراء لدرجة قيل: إنه هو من يدير الحكومة وليس رئيس الوزراء!

لا أريد الدفاع عن مجلس الأمة ولا رئيسه، فهذا الأمر لا يعنيني بشيء، فتواجد نواب الحركة الدستورية الإسلامية في هذا المجلس أقل من 3%، وأداؤهم على المستوى الفردي مُرضٍ، وإن كان الأداء الجماعي للمجلس دون المستوى المطلوب! لكنني أريد أن أخفف من الاحتقان الشعبي ضد هذا المجلس إحقاقاً للحق وإنصافاً للمظلوم!

أعتقد أن أكثر اكتشافات التجاوزات المالية تمت في هذا المجلس، وأكثر الإحالات للنيابة حمايةً للمال العام تمت في هذا المجلس، وما هذه التجاوزات التي نسمعها بين الحين والآخر إلا تجاوزات تمت في فترات زمنية سابقة لانتخابات عام 2016م، كالتأمينات الاجتماعية وضيافة الداخلية وتجاوزات وزير ووكيل الصحة السابقين وغيرها! كما أن أكثر الاستجوابات للوزراء تمت في هذا المجلس الذي تبقى من عمره دور انعقاد كامل، ونجح المجلس في إقالة اثنين منهم من أبناء الأسرة، وفي هذا المجلس تمت مساءلة رئيس الوزراء أكثر من مرة، وفي هذا المجلس تمت مناقشة الشأن الرياضي وتوصلت الأطراف المعنية إلى حل هذه الأزمة التي استعصت على مجالس وحكومات سابقة، وفي هذا المجلس تم سن تشريعات كثيرة ومهمة لا يمكن حصرها في مقالة، وبمعنى آخر أن هذا المجلس مارس دوره التشريعي والرقابي دون تفريط بأي منهما.

بقي أن نذكر إحقاقاً للحق أن هذا المجلس واجه وضعاً صعباً منذ يومه الأول، فقد وجدت المعارضة أمامها ملفات أمنية معلقة، وفي الوقت نفسه لا تملك أغلبية لتمريرها، فما كان أمامها إلا أن تتفاوض مع السلطة للتفاهم على إنجاز هذه الملفات، وبرعاية سامية تم هذا التفاهم، وتم إنجاز معظم هذه الملفات في سابقة تحسب للمعارضة، وإن كان الآخرون يحسبونها ضدها!

ومع هذا، ما زال العامة يمارسون أسهل وظيفة يتقنها الكويتيون وهي “التحلطم”؛ لإظهار غضبهم على هذا المجلس بسبب بعض الهفوات التي مارسها، ولبروز هيمنة الحكومة على مجرى التصويت في كثير من الأحيان لتعاطف الأغلبية البرلمانية مع خطها السياسي! وأعتقد هذا هو أصل المشكلة، حيث إن المعارضة السياسية أقلية (لا يتجاوزون 18 نائباً في أحسن الأحوال) بسبب معارضة البعض للمشاركة في الانتخابات بحجة عدم دستورية الصوت الواحد، والمشكلة أن أكثر من “يتحلطم” على ضعف الأداء هم هؤلاء الذين قاطعوا الانتخابات!

نعم هناك أخطاء، نعم هناك ضعف في الأداء (أحياناً)، لكنْ هناك إنجاز لا يمكن إخفاؤه إن كنا منصفين في تقييمنا ونقدنا!

د. عبدالرحمن العوضي

انتقل إلى رحمة الله تعالى بإذن الله وزير الصحة الأسبق د عبدالرحمن عبدالله العوضي، وقد عاصرته في مجلس 1985م وفي اللجنة الاستشارية العليا المنبثقة من مؤتمر جدة أثناء الاحتلال العراقي الغاشم، وكان خلوقاً متواضعاً كريماً وفياً لرئيس الحكومة آنذاك الشيخ سعد العبدالله عليه رحمة الله، وكان هو المنظم والمعد للوفود الشعبية مع جهاز كامل من زملائه، وكان لا يكل ولا يمل من العمل المتواصل لخدمة وطنه.

غفر الله له وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله الصبر والسلوان.

 

__________________________

يُنشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.

Exit mobile version