قضيتان.. صفقة القرن والأخ ناصر

أخيراً انعقد مؤتمر البحرين أو ورشة المنامة كما رغبوا في تسميتها، ومن طبيعة الحضور تأكد فشل المؤتمر، وبالتالي فشل الصفقة، حيث أن الطرف الرئيس بها، وهم الفلسطينيون، لم يحضروا، وبالتالي أصبح رعاة الصفقة بين خيارين، إما تنفيذها من دون رضى الفلسطينيين، وإما تنفيذها بالقوة وبإلزام الجانب الفلسطيني بالقبول مكرهاً، وفي كلتا الحالتين سيكون الفشل هو المصير المنتظر لهذه الصفقة المشبوهة! وأقول مشبوهة لأن تفاصيلها لم تنشر بشكل رسمي، مما يساعد على انتشار التأويلات والتكهنات المتشائمة، ولعل ما تداولته بعض وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً لمؤشر قوي على ما ذهب إليه معارضو الصفقة من أن المحصلة النهائية هي أن أمريكا ستبيع فلسطين لليهود بأموال دول الخليج، وأن أوروبا ودول أخرى ستبني مرافق كبيرة لـ “إسرائيل” مكافأة لها (فوق البيعة)، ومما ساعد على سرعة تهاوي هذا المشروع أن معظم التوجهات والفعاليات السياسية والاجتماعية بطول وعرض الوطن العربي الكبير رفضته وحاربته، سواء أصحاب التوجهات اليمينية أو اليسارية، ولم يحظ بأي دعم إعلامي باستثناء بعض الدعايات التابعة لبعض الأجهزة الحكومية، التي وصفت بأنها يتيمة! حتى الإعلام الغربي كان له موقف مناهض للصفقة المشؤومة، فقد استمرت صحيفة الواشنطن بوست في نشر الآراء التي تقول إن الهدف من هذه الصفقة ليس هو المعلن عنه، بل دفع الفلسطينيين للاستسلام، كما يقول إشان ثارور (جريدة القبس 28/6)، ويرجع الكاتب سبب فشل الصفقة إلى أنها لم تشر إلى دولة فلسطينية، ولا إلى إنهاء الاحتلال “الاسرائيلي” للأراضي الفلسطينية، أما الحضور لورشة البحرين فكان من أغلبية غير جادة، وإنما جاءت مراعاةً لخاطر الرئيس ترمب! لأنهم يدركون جيداً استحالة نجاح هذا المشروع الأعرج برجل واحدة، ويعتقد كثير من المحللين أن مهندس الصفقة صهر الرئيس كوشنر يعلم مسبقاً استحالة تنفيذ بنود الصفقة، لأنها غير مصممة للفلسطينيين، بل صممت ليدفع الجانب الفلسطيني إلى قول لا، مما يمهد للإعلان عن ضم الأراضي الفلسطينية من قبل الجانب “الاسرائيلي”، بحجة مخالفة الفلسطينيين للصفقة، التي كان يفترض أن توقعها الدول الغربية وأستراليا وكوريا واليابان تحت إشراف الأمم المتحدة! فتصبح الانتهاكات الصهيونية مشروعة ومقبولة وتحت مظلة الأمم المتحدة! وبهذه المناسبة، أشكر سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد على موقفه الراسخ في رفض «صفقة القرن» حفاظاً على الحقوق الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تحرير كامل ترابه، والشكر موصول الى رئيس وأعضاء مجلس الأمة في دعمهم للحكومة وحثها على تبني هذا الموقف المشرف.
@@قضية الأخ ناصر @@
في يوم الخميس الماضي استدعت وزارة الداخلية الأخ المحامي ناصر الدويلة، الذي حضر إلى مبناها وقابل أحد المسؤولين هناك، ثم رجع إلى بيته، وفي اليوم التالي، وعندما كان يهم بدخول المسجد لصلاة الجمعة أوقفته سيارة، وترجل منها أربعة أشخاص واقتادوه إلى جهة غير معروفة، تبين بعد ذلك أنها مبنى أمن الدولة، حيث وجهت له تهمة الإساءة الى إحدى الدول الشقيقة، كما ذكرت الشكوى المقدمة من سفارة تلك الدولة! لا أريد أن أتحدث عن تفاصيل أكثر في هذه القضية الحساسة، فالقضاء سيأخذ مجراه ويفصل فيها، ولا يفوتني التأكيد على رفضنا التام لأي إساءة في حق أي دولة من الدول الشقيقة، وخاصة المملكة العربية السعودية، التي نعتبرها الشقيقة الكبرى، فهي منا ونحن منها، لكن ما لفت انتباهي هو تقاعس سفاراتنا في الخارج عن المعاملة بالمثل ورفع قضايا على كثير من المغردين والصحافيين، الذين يسيئون إلى بعض رموز البلد بأقلامهم، خاصة أن كثيراً من التهم دخل بها شباب وإعلاميون وسياسيون كويتيون إلى السجون بسبب بعض هذه الشكاوى من بعض هذه السفارات!

__________________
ينشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.

Exit mobile version