من السياسة الأسرية العادلة

إن المرأة الصالحة شريكة الرجل في ملكه وقيمته في ماله وخليفته في رحله وبيته، وخير النساء: العاقلة الدّينة الحيية الفطنة الودود الولود، القصيرة اللسان، المطاوعة العنان، الناصحة الحبيب، الأمينة الغيب، الرزان في مجلس، الوقور في هيبتها، المهيبة في قامتها، الخفيفة المبتذلة في خدمتها لزوجها، تحسن تدبيرها، وتكثر قليله بتقديرها، وتجلو أحزانه بجميل أخلاقها، وتسلّي همومه بلطيف مداراتها.

وجماع سياسة الرجل أهله، بحسم وسط ثلاثة أمور لا تدعه وهي: الهيبة الشديدة، والكرامة التامة، وشغل خاطرها بالمهم.

أما الهيبة: فهي إذا لم تهب زوجها، هان عليها، وإذا هان عليها لم تسمع لأمره ولم تصغ لنهيه، ثم لم تقنع بذلك حتى تقهره على طاعتها، فتعود آمرة ويعود مأموراً وتصير ناهية ويصير منهيًّا وترجع مدبرة ويرجع مدبَّراً وذلك الانتكاس والانقلاب، والويل حينئذ للرجل! ماذا يجلب له تمردها وطغيانها ويجنيه عليه قصر رأيها وسوء تدبيرها ويسوق إليه غيها وركوبها هواها من العار والشنار والهلاك والدمار؟!

فالـهيبة رأس سياسة الرجل أهله وعمادها، وهي الأمر الذي ينسد به كل خلّة ويتم تـمامه كل نقص ولا يتم دونه أمر فيما بين الرجل وأهله.

وليست هيبة المرأة بعلها شيئاً غير إكرام الرجل نفسه وصيانة دينه وتصديقه ووعده ووعيده.

وأما كرامة الرجل أهله: فمن منافعها أن الحرة الكريمة إذا استكشفت كرامة زوجها، دعاها حسن استدامتها لها ومدافعتها لها وإشفاقها من زوالها إلى أمور كثيرة جميلة لم يكد الرجل يقدر على إصارتها إليه من غير هذا الباب بالتكلف الشديد والمؤونة الثقيلة.

على أن المرأة كلما كانت أعظم شأناً وأفخم أمراً كان ذلك أدل على نبل زوجها وشرفه وعلى جلالته وعظم خطره، وكرامة الرجل أهله على ثلاثة أشياء: في تحسين شارتها وشدة حجابها وترك غيرتها.

وأما شغل الخاطر بالمهم: فهو أن يتصل شغل المرأة بسياسة أولادها وتدبير بيتها وتفقد ما يضمه مسكنها من أعمالها، فإن المرأة إذا كانت ساقطة الشغل خالية البال لم يكن لها همّ إلا التصدي للرجل بزينتها والتبرج بهيأتها ولم يكن لها تفكير إلا في استزادتها فيدعوها ذلك إلى استصغار كرامته واستقصار زمان زيادته وتسخط جملة إحسانه!

 

(*) مستشار اقتصادي وأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

للتواصل: zrommany3@gmail.com

Exit mobile version