جاسم محمد الوزان.. مثال للمروءة

جاء ديننا الإسلامي الحنيف ليقر ويؤكد الأخلاق الفاضلة، التي من أفضلها وأجلها مكانة ومنزلة المروء والشهامة.

وتتجلى أبهى صور المروءة والشهامة في الإسلام في موقف النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعثته الشريفة من عمه أبي طالب، قال ابن إسحاق: “كان من نعمة الله على عليِّ بن أبي طالب، ومما صنع الله له، وأراده به مِن الخير -أن قريشًا أصابتهم أزمةٌ شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس عمه- وكان من أيسر بني هاشم: “يا عباس، إن أخاك أبا طالب كثير العيال، وقد أصاب الناسَ ما ترى من هذه الأزمة، فانطلق بنا إليه، فلنخفِّف عنه من عياله، آخُذُ من بنيه رجلاً، وتأخذ أنت رجلاً، فنكلهما عنه”، فقال العباس: نعم، فانطلقا حتى أتيا أبا طالب، فقالا له: إنَّا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه، فقال لهما أبو طالب: إذا تركتما لي عقيلاً فاصنعا ما شئتما -قال ابن هشام: ويقال: عقيلاً وطالباً- فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّاً، فضمَّه إليه، وأخذ العباس جعفراً فضمه إليه، فلم يزل عليٌّ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله تبارك وتعالى نبيّاً، فاتَّبعه علي رضي الله عنه، وآمَن به وصدَّقه، ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه” (ابن هشام. “السيرة النبوية” . ج1 . ص246.)

وتوضح هذه القصة الواقعية مثالاً ونموذجاً لصاحبها التاجر جاسم محمد العلي الوزان رحمه الله تعالى، وهو من تجار الكويت المعروفين، وقد عرف عنه مروءته وشهامته، وحرصه على فعل الخير ومد يد العون لكل محتاج.

يروي السيد طلال الوزان في كتابه “جاسم محمد على الوزان: صانع الجودة (1929 – 1989)” ص 89 .

عن جده التاجر جاسم محمد الوزان رحمه الله تلك القصة قائلاً: ذكر شقيقه الحاج عبدالوهاب محمد الوزان نقلاً عن أحمد عيسى الوزان عندما كان في زيارة له في إحدى المستشفيات بعد عملية جراحية: “لا أنسى أخاك جاسم، خدمني خدمة لا أحد عملها لي، ذهبت إليه عندما كان دكانه في السوق القديم ويبيع بالمفرق، جلست عنده وقلت له: ولد عمي، أريد مساعدة منك، أنا تعبت من النقل على الحصن (جمع حصان)، أريد سيارة نقل، وكان أخوك جاسم مشغولاً جداً بالبيع مع الناس، ومع طول الانتظار ذهبت عنه، ولا أرى إلا واحداً يناديني:  (ولد عمي! ولد عمي أحمد!) التفت إلا وهو أخوك جاسم يقول (لماذا ذهبت؟! لا عليك اذهب اشتر السيارة وهذه نقودها)”.

وهكذا أصحاب النجدة والمروءة يندفعون دفعاً نحو المكرمات؛ ومنها إغاثة الملهوفين، وقضاء حاجات الآخرين، فمن كَثُرَتْ نعم الله عليه كَثُرَتْ حوائج الناس إليه، فإن قام بما يجب لله فيها عرضها للدوام والبقاء، وإن لم يقم فيها بما يجب لله عرضها للنضوب والزوال.

وهكذا ضرب التاجر جاسم محمد الوزان رحمه الله تعالى مثالاً طيباً في المروءة والشهامة، كما قدم مثالاً يحتذى به في الكرم والجود، كما ظهر جلياً من بين ثنايا تلك القصة الرائعة حرصه على إغاثة الملهوف وإعانة المحتاج، وذلك من قبيل شكر الله تعالى على نعمه، فبالشكر تدوم النعم، وبالإحسان تتجلى أسمى آيات الكرم، وهكذا تحلى أهل الكويت الكرام بالشهامة والكرم والعطاء، فأصبحوا قدوة حسنة يحتذى بها في بذل الخير والبر والإحسان.

رحمهم الله جميعاً رحمة واسعة وأسكنهم فسيح جناته.

 WWW.ajkharafi.com

Exit mobile version