حتى المحاصصة محرومون منها!

في الغالب، عندما يتم تشكيل حكومة تكون المحاصصة هي المحور الذي يدور حوله التشكيل، فتتم مراعاة مكونات المجتمع الكويتي الصغير من عوائل وقبائل وتيارات سياسية وتجمعات مهنية وهكذا، وفي الغالب كان التيار الإسلامي الوسطي والمحسوب على الحركة الدستورية الإسلامية يُستَبْعَد من معظم الحكومات، باستثناء عدد من التشكيلات التي لا تصل في مجموعها إلى عدد أصابع اليد الواحدة، واثنان منهم تم فصلهما من الحركة بعد التوزير أو أثنائه! لذلك لم يجد خصوم التيار لتغطية كذبتهم بأن التيار ابن الحكومة المدلل وهم أمام هذه الحقيقة إلا نسب كل من هو متدين أو محافظ من الوزراء إلى الحركة!

قد نتقبل هذا الوضع، بل تقبلناه على مضض، لكن أن يتم استبعاد التيار من كل تشكيل على مستوى الهيئات والمؤسسات الحكومية بل حتى اللجان التخصصية! هذا صراحةً أمر مستغرب وفيه تجن وظلم لتيار يعتبر الأعرض والأوسع والأكثر انتشاراً، ويكفي أنه مع الحملة الإعلامية الجائرة ضده استطاع إيصال عدد من مرشحيه للبرلمان فاق أعداد كل القوى السياسية المشاركة في الانتخابات، بل فاق أعداد ممثلي بعض القبائل الكبيرة!

وقد يقول قائل: إنكم خالفتم توجهات الحكومة مؤخراً! وللحقيقة خطنا السياسي لم يتغير منذ وجودنا، بل يتأقلم مع الأجواء السياسية في حدة المعارضة وقوتها مداً وجزراً حسب ما نراه يتوافق ومصلحة المجتمع، لكن المبادئ ثابتة في وسطيتها واعتدالها، لدرجة أن خصومنا احتاروا في طبيعة التهم التي يلفقونها علينا دائماً، فمنهم من يتهمنا بأننا الابن المدلل للحكومة كما ذكرت، والبعض الآخر يتهمنا بالتطرف والعنف لدرجة اتهامنا بالإرهاب! والحمد لله على العقل!

بالأمس شكلت الحكومة هيئة لحقوق الإنسان، وهو أمر جيد ومطلوب أن تدعم الحكومة حقوق الإنسان، لكن الأغلب من الشعب انصدم من نوعية اختيار أعضائها، ومع احترامي وتقديري للجميع، ومع أن البعض منهم مناسب للعضوية في هذه الهيئة، لكن الأغلب لا أظنه يستطيع أداء الدور المنتظر منه، إما بسبب الخبرة أو بسبب تجربة سابقة له! فأحدهم لنا معه تجربة في لجنة شعبية لحقوق الإنسان وقد أثبت فشلاً ذريعاً فيها، وها هم يعيدونه ولكن بصفة رسمية، حتى قال الناس: “ما بهالبلد غير هالولد”!

الحكومة تحتاج إلى إعادة النظر في أسس تشكيل هيئاتها، إن كان من غير الممكن إصلاح تشكيلها نفسه، فتبتعد عن المحسوبيات، وتتجرد من الضغوط، وتختار على أساس القوة والأمانة «إن خير من استأجرت القوي الأمين» ولا تحرم نفسها من كفاءات بقية التيارات، صحيح قد لا يوافقون توجهاتها أحياناً، لكن –رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي– وأكبر خطأ أن أشترط لمن يكون عضواً أن يسير وفقاً لهوى مسؤول في الوزارة أو في مجلس الوزراء!

كفاءات عالية تمتلئ بها الكويت، لكنها لم تعط فرصة لخدمة الإدارة الحكومية ومؤسساتها، والسبب أن أسس الاختيار الحكومي لا تنطبق عليها، ولعل هذه الأسس هي السبب في تخلفنا الذي نعيشه الْيَوْمَ في الوقت الذي سبقنا فيه الآخرون!

 

يُنشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.

Exit mobile version