«عولمة» العمل الخيري الكويتي

لقد أصبح من المهم نقل التجربة الكويتية الخيرية من المستوى المحلي في التواصل مع المتبرعين وتلبية رغباتهم ودراسة دوافعهم وتصميم المنتجات بما يتناسب من قدراتهم الاقتصادية إلى الاتجاه العالمي، من خلال تحويل مؤسسات العمل الخيري إلى مؤسسات دولية عابرة للحدود الوطنية.

اليوم وبعكس أي وقت آخر من تاريخ العالم، هناك نمو اقتصادي عالمي ملحوظ، ولأول مرة في تاريخ التسويق العالمي، فإن الأسواق في كل مناطق العالم هي أهداف محتملة لكل مؤسسة خيرية تقريباً على مستوى التكنولوجيا الفائقة والمستوى المنخفض من الخدمات التي يحتاجها العالم؛ مما يستوجب العمل المشترك والوصول لأكبر شريحة ممكنة من المتبرعين في كل بلد.

في المقالة الشهيرة للبروفيسور «شيورد ليفت» التي نشرت في مجلة «الأعمال» لجامعة هارفارد في عام 1983م، التي أثارت الكثير من الجدل حينها حول التسويق العالمي، وكانت بداية الاهتمام بهذا المجال، وكان عنوان المقالة «عولمة الأسواق»، وذكر «ليفت» في المقال أن المسوقين واجهوا ما أسماه بالقرية العالمية المتجانسة، ومن ثم نصح المؤسسات والشركات بتطوير منتجات عالمية موحدة عالية الجودة تقوم بتسويقها في كل أرجاء العالم.

عندما ترسم أي منظمة مخططاتها للتوسع في السوق العالمية، فإنها غالباً ما تكتشف أن الدخل هو العامل الاقتصادي الوحيد في تحديد السوق المستهدفة، ومع ذلك تأتي الرغبة والدافع النفسي كعنصر يمكن التنبؤ به أو تحفيزه لدى المتبرعين حسب ظروف وثقافة كل بيئة.

وهذا يجعلنا نعيد النظر في البيئة القانونية لمؤسسات العمل الخيري، ومدى قدرة القانون الخيري الجديد لاستيعاب متطلبات هذا الانتقال، مستذكرين الدور المهم للكويت كمركز للعمل الإنساني؛ مما يضفي أن تكون هناك رؤية لهذا العمل الخيري ليكون عالمي الإطار على مستوى خدمة المتبرعين، علماً أن هناك رغبات عديدة تصلنا من عدة دول بطلب الخدمة الخيرية لهم لما رأوْا من تميز في الأداء والمتابعة ووجود بيئة تنافسية تحسن من جودة المنتج الخيري الكويتي.

إن الرصيد الذي تملكه الكويت بمؤسساتها الخيرية الرائدة يجعل من فكرة عولمة العمل الخيري الكويتي مقبولة بل ومستحقة، والذي يطلع على تاريخ العمل الإنساني يجد أن أهم المؤسسات الدولية وهي الصليب الأحمر مثلاً يجد أنها مؤسسة انطلقت من رجل سويسري مع مجموعة سويسرية، هي اليوم من أعرق المؤسسات الدولية تجاوز عمرها 150 عاماً، وهناك مؤسسات دولية أخرى نشأت محلية بسيطة ثم أصبحت عالمية.

والمؤسسات الخيرية الكويتية يمكننا أن نجعلها منظمات عالمية، ناهيك عن الفوائد الكبيرة التي يمكن أن تجنيها تلك المؤسسات من ناحية زيادة الإيرادات ودعم السوق الخيرية بمشاريع نوعية تنموية تساهم بشكل مختلف نحو التصدي للفقر المدقع وتحقيق الأهداف الإنمائية للأمم المتحدة.

Exit mobile version