التعلُّم المستمر

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» (رواه البخاري).

يجمع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث الشريف عمليتي التعلم والتعليم بإيجاز مبهر وعجيب ومبدع بما علمه الله تعالى، يلهم المستمع الجد والحماس للتعلم وللتعليم وعدم التوقف إلى نهاية العمر حتى يحوز على خيرية مباركة مشهودة بختم خير ولد آدم وإمام النبيين وقائد الغر المحجلين، إلى جنات النعيم صلى الله عليه وآله وصحبه أجمعين.

ويستمر التعلم لدى أفراد المؤسسة الربانية بلا كلل ولا ملل ولا تضجر؛ فالمؤسسة بأفرادها المستمرين في تعليمهم مؤسسة شبابية حيوية تحيا بالمعرفة وتتطور بالعلم وتنافس على أحدث الأساليب وأرقى النظم وأجود النظريات، مؤسسة جديدة متجددة متعددة الإنتاج متنوعة الإبداع قوية الأركان بعناصرها القيادية البشرية المتربعة في مختلف أروقة وأركان وهياكل المؤسسة، بل هي مؤسسة جاذبة للعاملين بشتى مواهبهم وتنوع مشاربهم وقدراتهم، وهي مؤسسة تحوز على ثقة العاملين يوماً بعد يوم، فيكون الرضا الوظيفي والثبات لدى العاملين.

والتعلُّم المستمر في المؤسسة يتولد عبر نشر ثقافة التطوير الشخصي والارتقاء الذاتي للفرد في شتى مجالات الحياة، وعدم التوقف بعد نيل شهادة أو منصب أو بعد عمر أو خبرة بعد زمن.

لقد كان العلماء يتنافسون في التعلم وزيادة التحصيل والاستمرار على ذلك حتى قال أحدهم:

ما تطعَّمت لذَّة العيش حتى

صرتُ للبيت والكتاب جليسا

ليس شيءٌ عندي أعزَّ من العلمِ

فما أبتغي سواه أنيسا(1)

والمؤسسة الربانية المتميزة بمعاييرها وخبراتها تنفخ روح الاستمرارية في طلب الأفضل، والارتقاء نحو الأحسن والأجود في نفوس العاملين وكل العاملين، عبر الآتي:

– وضع الحوافز لمن ينال أعلى الشهادات والدرجات العلمية من أرقى الجامعات والمؤسسات.

– تكليف العاملين بتوثيق أعمالهم وإنجازاتهم بملف إبداع خاص بكل عامل، وهذا الملف يعتبر أحد معايير تقييم العامل.

– وجود المكتبات بأحدث الكتب والمراجع والمصنفات ووجود التصنيف الآلي والخدمات الإلكترونية المكتبية التي تُعنى بسرعة توفير المراجع كما هو موجود الآن بأرقى المكتبات لأرقى جامعات.

 – تكليف العاملين بعمل الورش والمحاضرات وإدارة المؤتمرات.

– تأصيل سفرات العاملين وتنقلاتهم عبر العالم لاكتساب الخبرات.

– الرقي في تقييم العاملين المعتمد على معايير موضوعية وثابتة.

لقد تميز علماؤنا بالاستمرار في طلب العلم وعدم التوقف؛ مما جعل إنتاج أحدهم العلمي يقارن ويعدل إنتاج مؤسسة بل مؤسسات، وما ذلك إلا بهمة طلب العلم والاستمرار في التعلم.

وأصحاب تلك العزائم لا يختلفون عنا في طبيعتهم الإنسانية وقُدرهم الخِلْقية، وإنما يختلفون عنَّا في عُلوّ الهمَّة، ودأَب العزيمة، وتجشُّمِ الصعاب، وامتطاء العقبات..»(2).

والحمد لله رب العالمين.

الهامشان

(١) و(٢) أبوغدة، صفحات من صبر العلماء.

Exit mobile version