لو كانت جمعية الإصلاح..!

كشف استجواب النائب صالح عاشور لوزيرة الشؤون هند الصبيح في الأسبوع الماضي حقائق مثيرة، وردت على لسان الوزير المستجوَب! فمنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 تحولت الجمعيات ومقار اللجان الخيرية إلى ثكنات من رجال أمن الدولة ومراقبي وزارة الشؤون ومدققي الحسابات في وزارة المالية، وكل عملية فيها تتم تحت علم البنك المركزي ونظره؛ وتجاوبت مع الأمر جميع اللجان والهيئات الخيرية، خصوصاً التابعة لجمعيات: الإصلاح والتراث والنوري، وتم تقييد العمل الخيري، ومنعت التبرعات النقدية في المساجد وغيرها، وحُرمت اللجان من موارد مالية كثيرة، لكن الجميع التزم؛ تعاوناً مع الحكومة، وإدراكاً للوضع الحساس الذي يمر به العمل الخيري بعد الأحداث الإرهابية، ولم يكن هذا التعاون صورياً بل كان حقيقياً؛ بدليل أن جميع وفود وزارة الخزانة الأمريكية، التي تأتي إلى المنطقة دورياً للتأكد من تطبيق القرارات الدولية في الرقابة المالية، كانوا يكتبون تقاريرهم لمصلحة هذه اللجان الخيرية الكويتية، ويثنون على التزامها وابتعادها عن تمويل الأماكن المشبوهة!

كل ما ورد أعلاه كنا نعرفه، لكن ما لم نكن نعرفه هو أن هذه الرقابة الشديدة لم تكن تطبّق على جميع اللجان الخيرية والجهات التابعة للجمعيات الدينية المعروفة، بل إن بعض اللجان التابعة لبعض المذاهب كانت خارج الحسبة (!!) ولولا استجواب عاشور لوزيرة الشؤون لما عرفنا هذه الحقائق، التي كشفتها الوزيرة في هجماتها المرتدة على النائب المستجوِب!

عرفنا من كلام الوزيرة وشهادتها أن هناك لجاناً أزاحت أجهزة الرقابة المالية، التي وضعتها الوزارة داخل اللجان (أجهزة الجرد)، وأصبحت تعمل بعيداً عن رقابة الوزارة، كما علمنا من حديث معاليها أن أموالاً كثيرة كانت تحوَّل إلى الخارج من دون علم الوزارة ورقابتها! ونحن نعلم أن جميع المصارف ترفض تحويل أي مبلغ مالي إلا بتوثيق! والأدهى والأمر أن يتم أخذ قرض بنكي ويتم شراء أرض لهذه الجمعية المحصنة من الرقابة، ثم بقدرة قادر تختفي الأرض ويختفي معها ثمنها، وتعجز الوزارة عن معرفة أين ذهبت الأرض وما مصير ثمنها! وبعد أن تفوح الريحة ويطلع الموضوع إلى السطح، وخوفاً من الفضيحة، تقوم وزيرة الشؤون بتطبيق القانون على الجمعية المخالفة وتحلها، كما حلت جمعيات كثيرة لأبسط المخالفات، وكما قيل إذا لم تستح فاصنع ما شئت، يتم تقديم استجواب لوزيرة الشؤون اعتراضاً على حل الجمعية!

الآن، تخيلوا معي أن هذه الجمعية هي جمعية الإصلاح الاجتماعي (!!) ماذا كان يمكن أن يكون رد الفعل؟!

الوزارة لا تنتظر طويلاً كي تتراكم المخالفات أو يتم تسويتها، بل تبدأ أولاً بحل الجمعية ومصادرة جميع أموالها ومبانيها!

التيار العلماني ورموز الليبرالية في الكويت يطالبون بإحالة مجلس إدارة الجمعية إلى النيابة..!

التيار نفسه ورموزه يتهمون الجمعية والتيار الإسلامي بالكويت بالإرهاب ودعمه وتمويله..!

ولولا أن المحامي إياه مشغول مكتبه بالبحث والتنقيب في قضايا «الكويتية» لتوقعناه من المتصدرين للجمعية بالمحاكم!

الخلاصة أنه ستقوم الدنيا ولا تقعد عند البعض و«اللي يحب النبي يضرب»!

لكن في هذه الحال، التي نحن نشاهدها اليوم تحت قبة البرلمان، الأمر مختلف تماماً، سهود ومهود، وأبوي ما يقدر إلا على أمي!

 

 

ينشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.

Exit mobile version