التاريخ يتكلم!

أصبح انتقاد الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) عند البعض أسهل من شربة الماء، وأصبح تحميل الحركة كل مشاكل الأمة أمراً مألوفاً، ونقرأه كل يوم، وتغير المثل «الحق على الطليان» إلى «الحق على حدس»!

شاهدنا ذلك وسمعناه وقرأناه منذ فتره ليست قصيرة، شعر الخصوم خلالها أن التيار الإسلامي المعتدل، المتمثل في «حدس»، أصبح البديل عن تياراتهم وأفكارهم ومناهجهم البعيدة عن واقع الحياة وفطرة الناس.. لذلك، جعلوا الحركة الدستورية الإسلامية في مرمى نيرانهم، ولمّا لم يجدوا من الحجج ما يقنع الناس في سلامة منطلقاتهم الانتقادية لهذه الحركة دأبوا على البحث في الملفات القديمة؛ علهم يجدون غايتهم، فتجدهم كلما أرادوا تشويه الحركة وأدائها، أظهروا لنا التاريخ المزور والحقائق المشوهة منذ بدايات القرن الماضي!

المشكلة أن البعض ينتقد التيار الإسلامي لسلوكه السياسي، في حين أن معظم التيارات سلكت المسلك نفسه! على سبيل المثال المشاركة في حكومة الحل عام 1976، ينتقدون مشاركة رئيس جمعية الإصلاح فيها، ويسكتون عن مشاركة خمسة من رموز التيار الوطني في الحكومة نفسها! وتسمعهم يعيبون على التيار علاقته بالحكومة ويتهمونه بسقوطه في أحضانها، لأن أحد الوزراء منه فقط، بينما هم مشاركون في معظم الحكومات المتعاقبة ولكنهم لا يرون ذلك سقوطاً في حضن الحكومة الدافئ!

في عام 1985 أخبر التيار المرحوم جاسم الخرافي أنه سيصوت للسعدون لرئاسة المجلس، وفي عام 1992 أخبرنا عبدالعزيز العدساني أن التيار سيصوت للسعدون، وفي عام 1996 اعتذرنا للخرافي لأننا سنصوت للسعدون في الرئاسة، ومع كل ذلك لم تشفع لنا كل هذه المواقف وأخذوا يكررون أننا لم نصوت للسعدون في انتخابات عام 1999!

اتهموا الحركة بأنها تبرم الصفقات مع الحكومة لتعيين المحسوبين عليها في المناصب القيادية، وأي منصف ويخاف ربه يرى الواقع غير ذلك، بل العكس، معظم هذه التعيينات من توجهات معروفة، بينما شباب الحركة والمحسوبون عليها محارَبون في أرزاقهم؛ بسبب انتماءاتهم السياسية والفكرية! انظروا إلى المناصب القيادية في وزارات السيادة، تجدوا كل التيارات وكل الأفكار موجودة إلا التيار الإسلامي المعتدل مستبعداً، انظروا إلى المؤسسات المالية، مثل التأمينات والبنك المركزي والهيئة العامة للاستثمار وصندوق التنمية، تجدوا الصورة مكررة، التفتوا إلى مجلس الوزراء تجدوا الأمر نفسه، حتى المناصب القيادية في وزارات الدولة أصبح وجود متدين فيها يحمل فكر الحركة أمراً نادراً، حتى وزارة الأوقاف وبيت الزكاة جاءهما من طشّر الأول والتالي فيهما!

ينتقدون الحركة بتأخرها في دعم استجواب رئيس الوزراء، ويسارعون باتهامها بالتخاذل، ويتناسون مواقفها في استجوابات أخرى كثيرة لرئيس الوزراء ولغيره من الوزراء! ولعلنا نذكر استجوابات سلمان الدعيج، وسعود الناصر، وأحمد الربعي، ويوسف الإبراهيم في القرن الماضي، وعدداً آخر من الاستجوابات في السنوات الأخيرة كان للحركة منها موقف واضح وقوي!

وختاماً، التيار الإسلامي الوسطي في الكويت تيار وطني صرف، تاريخه ناصع ومشرّف عند المنصفين، لم يترك أمراً يتطلب موقفاً قوياً إلا كان له منه النصيب الأوفر، منذ ولوجه للعمل السياسي بل قبل ذلك، وسنفصل في ذلك في مقال قادم بإذن الله.

Exit mobile version