محمد مهدي عاكف.. في أمان الله

عكف على الحق ومات عليه عاكفاً، فنال الموتة الشريفة التي سعى، وفي يوم الجمعة اختيار الله لكثير من رفقاء دربه مرشدي الإخوان.

كانت حياته ابتلاء وصبراً وجهاداً، وفترة إرشاده نصراً وفتحاً، وإن شاء الله يكون موته نصراً وفتحاً، وتلك الأيام نداولها بين الناس.

والتاريخ لا يؤرخ إلا للعظماء ولا يهتم إلا بالكبار.

والكبار فقط لهم الشهادة التي هي جائزة الدنيا وكرامة الآخرة.

فلا يُتصور للعظام إلا الشهادة، ولا يُعقل للكبار إلا البقاء والخلود في ذاكرة التاريخ.

ومـن يعمل لله لا ينتظر ولا يرجو سوى الشهـــــادة. ولا يبتغي بديلاً عنها، فهي أسرع الخطى إلى الله، وهى أسمى أمنيات الصادقين ومن صدق الله صدقه الله.

فلا يُرى ولا يُعقل ولا يُتصور للكبار والعظماء غير الشهادة؛ فهي اصطفاء واختيار واتخاذ وانتقاء ورزق وهبة وعطية ومنحة من الله لأوليائه الأبرار المخلصين؛ (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {140}‏) (آل عمران).

عاش مجاهداً ومات شهيداً صابراً محتسباً، طبت حياً وميتاً، فقد قذف الخوف في قلوب المجرمين حياً وميتاً، فمنع من صلاة الجنازة عليه، ودفن ليلاً كأستاذه البنا رحمه الله، يتبعه بضعة أفراد من أسرته، ويوماً ما سيقام له تأبين يشهده العالم ويحضره الملوك والأمراء، وتذكر سيرته للدنيا، ويكفيه منزلته عند خالقه ولا نزكيه على الله والله حسيبه، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيراً منها.

إنه مثال واضح على الحياة في سبيل الله، والموت في سبيل إعلاء كلمته ورفع رايته والسير بكتابه وسُنة نبيه ﷺ، رحمه الله رحمة واسعة، وتقبله في الصالحين، وكتبه من الشهداء وفي عداد المسلمين العاملين الأوفياء، وتقبل جهده وجهاده وصبره وثباته ومرضه.

قال عنه د. محمد الجوادي: ما رأيت أحداً وفّى اسمه بوصفه، ولا أحداً وصف عمله اسمه مثله، إنه محمد مهدي عاكف، المؤسس الثاني لجماعة الإخوان المسلمين، هكذا يقول التاريخ السياسي، رزقه الله في اسمه كل صفاته، ورزقه في تاريخه كل بطولات البشر، محمد مهدي عاكف هو أقوى إخواني في التاريخ، قلت هذا في عهود مبارك وطنطاوي ومرسي ونتن ياهو.

بينما قالت “الجزيرة مباشر”: إنها خاتمة تليق بمهدي عاكف، الرجل الذي ظل رجلاً حتى النهاية، فلا نامت أعين الجبناء، ميتة تليق به، عاش رجلاً ومات بطلاً، فكان طبيعياً أن يموت محمد مهدي عاكف ميتة تليق به، فالرجل التسعيني لم يتغير أبداً لم يعطِ الدنية شاباً لكي يعطيها كهلاً.

يقول د. يوسف القرضاوي: رحم الله فضيلة الأستاذ مهدي عاكف، الرجل الرباني، وأنزله منازل الصديقين والشهداء.. عرفته رجلاً قوياً لا يهن صلباً لا يلين شامخاً لا ينكسر مستقيماً لا ينحني، وعرفته في المحنة صابراً مرابطاً حتى مات في محبسه راضياً مرضياً.

يقول د. القره داغي: كان مهدي عاكف من المصلحين الذين وهبوا حياتهم لله، ووضعوا أرواحهم على أكفهم رخيصة لله ولإصلاح مجتمعاتهم وإخراجها من ظلمات الظلم إلى نور العدل.

فهنيئاً لكم جهدكم وجهادكم واستشهادكم.

كم يغبطكم إخوانكم بفوزكم وسبقكم إلى الله.

هنيئاً لكم لقياكم الأحبة محمداً وحزبه.

ستعيشون أكثر بكثير ممن حاكموكم وسجنوكم وقتلوكم.

وستظل دماؤكم العطرة لعنة على المجرمين في الدنيا والآخرة.

هنيئاً لكم التحاقكم بخير ركب في قافلة الشهداء.

في القلب أنتم لا تمحى محبتكم.

وفي الدعــاء ذكركــم لا ينقطـع.

Exit mobile version