التاجر خالد عبداللطيف الحمد مثال لبناء الذات

تحدثنا في مواضع سابقة عن قيمة الكفاح والاعتماد على النفس، وكيف حثنا ديننا الإسلامي الحنيف على بذل الأسباب والمثابرة والسعي على الرزق ورغب في ذلك؛ لما في ذلك من فضائل جمة، نذكر منها إكرام النفس وعفتها عن سؤال الناس.

وتوضح هذه القصة الواقعية التي وردت في سلسلة “محسنون من بلدي” ج 6 من إصدار بيت الزكاة (مستشار التحرير د. عبدالمحسن الجارالله الخرافي) ص63 – 75 مثالاً ونموذجاً لصاحبها التاجر خالد عبداللطيف الحمد رحمه الله، وتبين قيمة الاعتماد على النفس والكفاح من أجل بناء الذات وتحقيق الطموحات.

بدأت قصة الكفاح الحقيقية مع التاجر خالد الحمد بالتحاقه بالعمل عند عائلة “الصقر” كمسؤول عن مخازن الشعير والتمر والأخشاب، وخلالها تعلم أصول التجارة، وبعد أن تعمقت خبراته واتسعت تجاربه وازدادت حنكته طلب منه آل الصقر السفر إلى اليمن، وهناك نهض خالد الحمد بأعمال التجارة المطلوبة منه، وكيلاً عن عائلة الصقر بهمة وكفاءة وإخلاص وتفانٍ، واستطاع خلال فترة قصيرة أن يقيم شبكة علاقات واسعة مع عموم الناس من ناحية والمسؤولين من ناحية أخرى.

وهنا بدأت قصة الكفاح الحقيقية للتاجر خالد الحمد وبداية الاعتماد على الذات، وحان الوقت لأن يضع قدميه على عتبات مجده الخاص، فبعد أن أمضى سنوات في عمله لدى أسرة الصقر، وأسعفته تجربته وخبراته العملية والتجارية، اجتمع يوماً بأخيه يوسف (شقيق خالد الحمد) وقال له: لقد وفقنا الله في العمل لدى عائلة الصقر، وقمنا بواجبنا والحمد لله على أكمل وجه، وحان الوقت بأن نبدأ تجارتنا، وأن نعتمد على أنفسنا، فعندنا كل ما يحتاجه التجار من مقومات وأساسيات العمل، وأصبحت لدينا ولله الحمد شبكة علاقات واسعة مع عموم الناس من ناحية والمسؤولين من ناحية أخرى، فلنبدأ على بركة الله، أنا أستقر في عدن، وأنت تذهب إلى الهند، ونبتغي في ذلك العمل وجه الله تعالى والسعي على الرزق الحلال، فوافقه أخوه يوسف وبدأا مسيرتهما التجارية وكفاحهما لتحمل المسؤولية وبناء الذات.

فكان خالد الحمد يجلب التمر من العراق ويبيعه للحجيج أو يقايضهم بأقمشة، واتسعت تجارته تدريجياً فاشترى بساتين نخيل في العراق ليسد حاجة الأسواق المفتوحة على مصراعيها لتجارته عبر مكاتبه في عدن والهند والصومال.

وتدريجياً امتدت أوجه نشاطه التجارية إلى البن، حيث كان يقوم بتصديره، حتى صار واحداً من كبار تجار البن، ثم عمل في السجاد، فكان يستورد من إيران، وكان يستغل كثرة العابرين من ميناء اليمن لتصريف هذا السجاد من ذلك المنفذ البحري الحيوي.

وأقام يوسف الحمد بمدينة “كايتوارن” الهندية للإشراف على تزويد الأسواق المترامية الأطراف بسائر أنواع التوابل التي تجد رواجاً كبيراً في الهند وتوسعت تجارة خالد الحمد، واتسعت ثروته وبارك الله له فيها.

وبعد أن قضى خالد الحمد شطراً كبيراً من حياته متنقلاً بين الكويت واليمن والحجاز والصومال والحبشة عاوده الحنين إلى أرض الوطن فقرر العودة إلى الكويت نهائياً والإقامة بها، وكان ذلك في بداية العقد الثالث من القرن العشرين.

وهكذا ضرب لنا التاجر خالد عبداللطيف الحمد رحمه الله نموذجاً يحتذى به الكفاح والجد والمثابرة وبذل الأسباب في سبيل الوصول إلى النجاح، وهكذا كان أهل الكويت من أبناء هذا الجيل المبارك، لا يعرفون اليأس ولا الاستسلام، بل كانت قلوبهم مليئة ثقة بالله سبحانه وتعالى أنه لن يخيب ظنهم، ولن يضيع اجتهادهم، فاعتمدوا عليه سبحانه وتعالى وبذلوا الأسباب، وبادروا واجتهدوا، فكان النجاح حليفهم، والتوفيق من الله نصيبهم.

WWW.ajkharafi.com

Exit mobile version