التجار الخرافي والصقر والخالد يوفّرون الماء

إن الماء ضروري للحياة، ولولا الماء لما كان على وجه الأرض حياة، وليس أدل على ذلك من قول المولى سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ (الأنبياء: 30)، وقد رغب الدين الإسلامي العظيم ورتب الأجر والثواب العظيمين لمن يقوم بتوفير الماء العذب، ومن يعمل على سقيا الماء، بل جعلها من أفضل الصدقات وأجل القربات التي يتقرب بها العبد إلى خالق الأرض والسماوات، فعن سعد بن عبادة رضي الله عنه أنه قال: “يا رسول الله، إن أُم سعد ماتت، فأي الصدقة أفضل؟ قال: الماء؛ فحفر بئراً، وقال: هذه لأم سعد” (رواه أبو داود، برقم 1678)، وهذا الحديث الشريف دليل واضح على أن سقيا الماء من خير أنواع الإحسان.

ولعل من أهم ما فطن إليه أهل الكويت الكرام منذ قديم الأزل حفر الآبار للسقي سواء لسقيا الناس أو لسقيا الدواب، وأنه من الصدقات الجارية التي يكون الثواب عليها مستمراً ومضاعفاً بإذن الله، وأدركوا أهميته وجزيل ثوابه، فبذلوا ما تيسر لهم من أموال وأعمال خير وبر في سبيل توفير الماء العذب، وهذا ما سوف نستعرضه في ذكر نماذج لبعض تجار الكويت الكرماء ذكرها العميد متقاعد سليمان فهد عبدالعزيز المخيزيم في كتابه “كويت الماضي” تحت عنوان “أسماء في سجل الشرف”، وفزعتهم من أجل توفير الماء العذب بالمجان على الفقراء والمحتاجين في ذلك الوقت، وفيها بيان لفزعة تجار الكويت من أجل تخصيص برك الماء بمناطق الكويت المختلفة، ليحصل الجميع على الماء العذب.

ومن هؤلاء التجار المرحوم أحمد الخرافي، فقد كان رحمه الله رجلاً كريماً سخياً يفعل الكثير من الخير لخدمة أهالي الديرة ولاسيما الفقراء منهم، وقد كان المرحوم أحمد الخرافي رحمه الله يملك عدة سفن، ومن مآثره ذلك الرجل الطيب عليه رحمة الله أنه خصص بركة ماء بالقرب من منزله بمنطقة “القبلة”، وخصص لها إحدى سفنه لتحضر الماء من شاطئ العرب وتفرغه بتلك البركة ليوزع مجاناً على الفقراء والمحتاجين.

ومن هؤلاء التجار الكرام المرحوم حمد الصقر، ومن المآثر الطيبة له رحمه الله أنه خصص يوماً يسمى “الدوبة” لإحضار الماء إلى بركته ثم يوزع بالمجان على أهالي الديرة، كما كان هذا الرجل الكريم يحضر بعض محصول النخل الذي يملكه ويسلمه للمرحوم الشيخ عبدالله الخلف الدحيان، علم الكويت وعالمها في زمانه، فيقوم المرحوم الشيخ عبدالله بتوزيع التمور والرطب والسعف على الفقراء والمحتاجين من أهل الديرة، فهو العارف بالأسر المتعففة، التي هو بالمقابل محل ثقتها المطلقة.

ويذكر التاريخ أيضاً بالفخر والاعتزاز المرحوم خالد الزيد الخالد الذي كان رحمه الله من كبار التجار بالكويت في ذلك الوقت، وهو من أوائل أصحاب فكرة حفر وتجهيز برك الماء وإحضار الماء العذب ليوزع بالمجان على أهل الكويت من المحتاجين والفقراء.

وكذلك التاجر أحمد العبدالله الصقر الذي خصص بركة الماء المقابلة لبيته سبيلاً للمارة من أهل الحي وغيرهم مقابل اليسرة التي يشغل مكانها حالياً مبنى مجلس الأمة، وهي قطعة صخرية ضخمة على ساحل الخليج مقابل بيته.

هذه نماذج يسيره للتجار الكرماء الذين ساهموا في توفير الماء العذب في تلك الفترة العصيبة من تاريخ الكويت، وذكرهم في هذا المقام ذكر البعض من كل، والقليل من كثير، وإلا فأهل الكويت جميعاً أهل كرم وفضل ووفاء، وفعل الخير متأصل فيهم كل على قدر استطاعته، ولكن ذكر هذه النماذج يأتي على سبيل الاستشهاد وبيان ما كان عليه أهل الكويت عامة، وتجار الكويت خاصة من الكرم والعطاء وتخصيص الأموال والجهود لعمل جليل وهو توفير الماء العذب بالمجان لأهل الكويت في ذلك الوقت.

Exit mobile version