نظِّفوا “السوشيال ميديا”!

الإساءات قولية كانت أو فعلية ليست خاصة بزمن معين، ولا بلد محدد، ولا حتى جيل قديم أو حديث.. الشر مثل الخير، موجود في كل مكان، وفي كل وسيلة، وفي كل الأجيال، المختلف فقط درجة الشر، وتأثيره. 

في الماضي كانت إساءات الشخص أو الأشخاص لا تتعدى جدران بيته، ولا تتعدى محيط جيرانه وبيئته.. أما اليوم فهي عابرة للحدود، تصل إلى الشرق والغرب، فتكون الإساءة أعظم، والتأثير أقوى.

يجب أن يعي المرء أن العصر اختلف بأدواته، وأن حادثة صغيرة وعابرة قد تشكل قضية عامة تتداول عبر وسائل الإعلام قديمها وجديدها.. كما ينبغي أن نوعي أولادنا وشبابنا بذلك؛ كي لا يقعوا فريسة الاندفاع وراء حرية وسائل الإعلام الجديدة، أو في فخ البحث عن لفت الانتباه.

لما قرأت عن فتاة “سنابية” تصور جثث الموتى وتبثها عبر حسابها في “السناب شات” وضعت يدي على قلبي، هل وصلت الحال بنا إلى هذا الوضع من تبلد الإحساس؟ أليس للموت حرمة؟ وأدركت أن الإفراط في هذه البرامج قد يميت ضمائر بعضنا!

ما تقوم به وزارة الداخلية من القبض على من يخرج على نظام المجتمع ويشذ عن قواعد الأخلاق، شيء جميل، ومطلوب وضرورة، فقبل فترة قبض على المراهق “أبو سن” الذي أساء استخدام برنامج “يو ناو” مع فتيات، ثم قبض على الشاب صاحب فيديو الألفاظ المسيئة.. إلخ، تلك أمثلة لحالات بدأت تطفو على السطح تهدد قيم المجتمع وعاداته، والمطلوب محاربتها ومواجهتها بحزم سواء بالمتابعة والتحقيق والقبض إن كان الأمر يتطلب، أو بالتوعية إن كانت دون ذلك.. والأمل أن تستمر الحملات ضد كل حساب أدوات التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) التي تنشر الرذائل وتروج للمجون.

إن تنظيف المجتمع من هذه العاهات السلوكية التي لم يزدها التطور إلا تخلفاً، ولم تكسبها التقنية إلا جهلاً مطلوب بدرجة عالية، فالنظافة ليست حصراً على البيئة والأمكنة، بل تمتد إلى الأخلاق والسلوك، وإماطة الأذى ليست محصورة في الأذى الحسي، بل تصل إلى الأذى المعنوي وجراحات القول والفعل!

مشكلة هؤلاء ومن سار على طريقتهم، البحث عن الشهرة، أو لفت الانتباه، واللامبالاة التي يحملونها تجاه المجتمع.. ولا ننس أن إيقاف شهرة الطائشين يبدأ بضغطة زر من قبل المتلقين، بمعنى ألا نتناقل برامجهم وحماقاتهم، فنكون ساهمنا بترويجها ونشرها!

قفلة..

علموا أولادكم هذا حلال وهذا حرام، هذا يرضي الله وهذا يغضب الله؛ حتى ينشأ جيل يراقب الله ويخشاه في السر والعلن، لا جيل يخشى الناس. (الشيخ محمد راتب النابلسي).

Exit mobile version