فخامة الرئيس وائل غنيم وشركاه!

صنع شعبية كبيرة يوم بكى في برنامج المذيعة إيّاها على من قتلهم مبارك في التحرير ومن قبلهم خالد سعيد، وسيد بلال، رحم الله الشهداء جميعاً، وانتقم ممن أزهقوا أرواحهم بغير ذنب.

ظل وائل غنيم حديث الناس طيلة عامين تقريباً، وكان زعامة بارزة في محيط الشباب الثائر الذي أسهم في حركة الثورة وتفاعلاتها خاصة في الأيام الأولى، وكان مطروحاً أن يتولى منصباً في حكومة هشام قنديل على عهد الرئيس محمد مرسي – فك الله أسره – ولكنه رفض، وهو ما جعلني أتصوره رئيساً للجمهورية، لأنه لن يقبل بغير ذلك، فقد ترك وظيفته المرموقة بالولايات المتحدة، وجاء ليشارك في الثورة.

يبدو أنه كان مشبعّاً بالنظرة الأمريكية إلى مصر الإسلامية وشريعة الإسلام، وضرورة أن تكون أم الدنيا علمانية، وأن تحكمها الأقلية العلمانية بدلاً من أولئك المسلمين المُرْعبين الذين جعلوا بعض أصدقاء وائل يبكون ويموتون حين سمعوا هتافاً (دينياً!) مخيفاً ومرعباً، يجعل المستقبل غير آمن وغير مطمئن!

وائل قدم مؤخراً تدوينة أو مقالاً مطولاً يشرح فيه سبب صمته واعتزاله بعد انقلاب العسكر، ويبدي فيه ندمه على عدم إدانته لمقتل أهل رابعة في حينه، ولكنه في تضاعيف كلامه يسوّغ قتل المسلمين؛ لأن الإخوان كانوا من الصّلف والغرور كما يرى بحيث لم يقبلوا بالمشاركة في الحكم ولم يستمعوا إلى النصائح، فكان قتلهم في الحرس والمنصة وبالتالي رابعة والنهضة وبقية المذابح نتيجة منطقية لسلوكهم المتعجرف المتسلط الأناني! لذا لم ينزعج ضميره الإنساني أو يهتز بين حناياه.

دعوى يرددها من لا شعبية لهم ولا وجود في الشارع، وهي دعوى كاذبة لا أساس لها من الصحة وليتها كانت حقيقية، فقد عرض الرئيس مرسي على وائل نفسه منصباً فأبى، ثم إن  الوزارة التي حكمت على عهد مرسي كانت في أغلبها من العلمانيين، كان هناك خمسة وزراء من الإسلاميين الذين يمثلون أغلبية في البرلمان الذي تم حله لتعجيز الرئيس عن العمل ومنعه من الحكم تمهيداً للانقلاب العسكري، وكان في الوزارة أكثر من 25 وزيراً ينتمون إلى غير الإسلاميين.

وائل مُصِرٌّ على ترديد أن اتفاق “فيرمونت” لم يتم تنفيذه، وأن الإخوان نقضوا عهدهم مع من سموا أنفسهم فيما بعد “جبهة الإنقاذ”، ولم يستجيبوا للنصائح، وأن الصلف أو الغرور أعماهم عن التعاون مع الآخرين.

ويبدو أن السادة العلمانيين ومثلهم أصحاب اللحى الخائنة؛ يفسرون الأمور بمنطقهم وليس بمنطق العالم، سرت أكذوبة “أخونة” الدولة التي تولى كبرها لِحْيّةٌ تتاجر في البهائم ولا تفقه للدين معنى، ولا تدرك للسياسة مغزى، وعزَف على الوتر ذاته من يرفضون الإسلام جملة وتفصيلاً من اليسار والناصريين والليبراليين فضلاً عن الكنيسة المتمردة منذ عهد شنودة، ورأينا حملة ضارية على الإسلاميين يوجهها العسكر الانقلابيون، ويشعلها المشتاقون إلى السلطة المنتخبة انتخاباً حراً من فرقاء “فيرمونت”، لقد قرّبهم د. مرسي واسترضاهم، ولكنهم كانوا موعودين من بعض الجهات فيما يبدو بأشياء أخرى، فتكاتفوا على إسقاط الديمقراطية، وأكل الإخوان أحياء، وانحازوا إلى النغمة السائدة: باعونا في محمد محمود، لم يفوا بوعود “فيرمونت”، حكم الإخوان كان اختطافاً للدولة، مرسي فاشل وهو لم يبدأ يومه الأول بعد، وقال ملياردير طائفي لص: لقد توحدت جهودنا ومشاعرنا في حربنا ضد تنظيم الإخوان الذي جثم على صدورنا خلال فترة حزينة من تاريخ بلدنا..! اللص رفض دفع مستحقات الدولة من الضرائب وقدرها 15 ملياراً.

مشكلة وائل غنيم وشركاه من العلمانيين أنهم في هجائهم للإخوان، ورد فشلهم السياسي إلى الإخوان، لا يواجهون السبب الحقيقي الذي أفشل الثورة وهزم الديمقراطية، وأزرى بالإرادة الشعبية؛ وهو إصرار العسكر على حكم مصر وعدم السماح للمدنيين أياً كانوا بقيادتها، لأنهم لا يسمحون أن تضيع منهم كما أعلن الجنرال، بينما مهمتهم الأساسية حماية الحدود، ومقاتلة العدو وليس الشعب.

وائل غانم في مرافعته الطويلة وتبريراته لتأخره في إدانة مذبحة رابعة، وتسويغه الضمني لقتل المسلمين في المجازر المتعددة، وانقلابه على الشرعية، لم يشر ولو بكلمة عابرة إلى ترتيبات الانقلاب التي بدأت قبيل إعلان فوز الرئيس مرسي، حتى تم اختطافه قسرياً ثم ظهوره في قفص زجاجي بعد شهور، وحرمانه من أبسط حقوق السجين أو المعتقل السياسي، لأكثر من  ثلاث سنوات على أسْره، ولم يلتق به أحد في معتقله، لا من أسرته ولا من المحامين، لم ير وائل غنيم دبابات الجيش المنتشرة في شوارع مصر المحروسة وبقية المدن؛ جاهزة لتسخين قواذفها ضد من يفكر في معارضتها، أو بمعنى أدق من يحلم بالحرية والديمقراطية.

ولم يتساءل وائل غنيم عن سرّ قرار حل مجلس الشعب ذي الأغلبية الإسلامية، والذي قال الجنزوري في لقائه مع الكتاتني: إنه في الدرج وهو ما تم بالفعل لتعويق الرئيس مرسي عن الحكم، وتوريطه في الإعلان الدستوري وغيره.

لم يشر وائل غنيم إلى تلك الهجمات التي تقوم بها جماعات “البلاك بوك” والبلطجية وأشباهها على الفنادق والمؤسسات ومسجد القائد إبراهيم ومقرات حزب الحرية والعدالة وإحراق الكنائس وغير ذلك من ممارسات إجرامية عدوانية، والأمن والقوات تشاهد ولا تحرك ساكناً!

هل تساءل وائل عن الأزمات المفتعلة في البنزين والسولار والكهرباء والغاز و..؟

وائل غنيم وشركاه لم ولن يتطرقوا إلى البيانات التي أصدرها قائد الانقلاب في أواخر يونيو 2012 إنذاراً لمن لم يسمهم – وكان يقصد الرئيس المدني – كي يرضخ لإرادة أخرى غير إرادة الشعب، خاصة بعد أن جاهر السادة العلمانيون باستدعاء الجيش للانقلاب على الديمقراطية! ولم يلفت نظر وائل غنيم وشركاه أن القوائم كانت معدة لمن تتم إزاحتهم من الإعلام والصحافة والجامعات والمدارس والمؤسسات والإدارات المختلفة ليؤدي الموالون للبيادة دورهم دون إعاقة!

الأستاذ وائل غنيم وشركاه أيّدوا الانقلاب العسكري، وجرّبوا كيف تكون عملية إخلاف الوعود والاتفاقات، ولعله يذكر قول الجنرال في أوائل حكمه “ليس لأحد فواتير أسددها!”، لم يسأل وائل وشركاه عن الحريات والدماء والاعتقالات والمطاردات والمداهمات والإزاحات.. ولكنه مشغول بالصلف والغرور عند الإخوان وهما سبب كل المصائب التي حلت بالوطن كما يعتقد مع شركائه!

هل أخطاء الإخوان أياً كانت تجيز التسامح في انهيار وطن وتخريبه؟ أعانك الله يا فخامة الرئيس محمد مرسي في محبسك، فلم تهن ولم تستسلم ولم تتنازل، حفظك الله يا بطل!

الله مولانا، اللهم فرج كرب المظلومين، اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!

Exit mobile version