شموخ رغم العواصف!

على مدى 86 سنة من تاريخ المملكة العربية السعودية منذ إعلان اكتمال توحيدها، والسعودية مرت ولا تزال بعواصف زلزالية سياسية وفكرية، والعامل المشترك في هذه العواصف هو مواجهتها بحزم وصبر، لتنجوا بمجتمعها إلى شط الأمان.

ففي أيام الملك عبدالعزيز – غفر الله له – واجه ما سمي بـ”حركة الإخوان” – ليس لها علاقة بحركة الإخوان المسلمين المعروفة – التي كانت تعارض كل تحديث وتطوير للمجتمع وقتئذ، كما أنها هاجمت العراق، تحت ذريعة مواصلة الفتوحات، فسببت له المتاعب، وحاول الاتفاق والتحاور معهم، وأرسل لهم العلماء، وصبر عليهم زهاء عشر سنوات، وبعد أن حسم الأمور في الأحساء والحجاز قاد معركة الحسم ضدهم عام 1347هـ في معركة “السبلة”.

وتوالت الأخطار التي تعرضت لها المملكة؛ ففي عهد الملك فيصل – رحمه الله – واجهت المملكة حرباً شعواء، وهجوماً وحملات فكرية من قبل القوميون والشيوعيون واليساريون، اتهموا السعودية ووصفوها بالرجعية والتخلف والتزمت، فواجهها الملك فيصل بحزم عبر الدعوة للتضامن الإسلامي، والاستعانة بعلماء من العالم الإسلامي، من مصر وسورية والعراق، ليحملوا للعالم الصورة الحقيقية للمملكة، وتأسست في عهده الكثير من المؤسسات الإسلامية كرابطة العالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي، وكلها دعت للتكاتف الإسلامي، ومواجهة طغيان التيارات والأفكار النشاز.

وفي عهد الملك خالد – رحمه الله – كان أبرز الأخطار حركة “جيهمان” التي احتلت الحرم المكي (1400هـ)، واستمر احتلالها 17يوماً، بعدها تم تطهير الحرم، وانتهت حركة المخربين.

وتوالت العواصف السياسية، فقامت الثورة الإيرانية التي لا يزال المسلمون يعانونها، ثم الحرب العراقية الإيرانية، والحرب الروسية الأفغانية، فحرب الخليج التي اعتدى فيها العراق على الكويت الشقيقة، ثم احتلال أمريكا للعراق.

هذه الأحداث حدث أكثرها في عهد الملك فهد – رحمه الله -وخرجت فيها المملكة سالمة بفضل الله تعالى، رغم صعوبات بعض الأحداث كحرب تحرير الكويت ومآلاتها في ذلك الوقت.

وتستمر العواصف، ففي عام 1416هـ، جاءت أحداث “التكفير والتفجير” التي ألقت بظلالها على المجتمع ما بين تكفير لرموزه السياسية والدينية، وما بين استهداف رجال الأمن، والمواطنين والأجانب الأبرياء، فأشغلت هذه الأحداث الدولة والمجتمع، وتم التصدي لها، وإسقاط الإرهابيين وقوائمهم التي أعلنتها الداخلية.

وفي أثناء هذه الفترة جاءت أحداث سبتمبر، ورغم إدانة المملكة وبراءتها منها، فإن أمريكا لا تزال إلى اليوم تحاول ابتزاز المملكة، وتحميلها جريمة غامضة اعترف بها مفكرون غربيون أنها لغز ومسرحية ابتزاز صنعته أمريكا وعملاءها!

واليوم نواجه أخطار الليبرالية، و”داعش”، وعواصف الحوثيين، والعلو والاستكبار الإيراني المستمر منذ ثورتها المشؤومة الذي يتدخل في شؤون الخليجيين، لكن يد الحزم طالته، وقمعت فتنته، وهي في اضمحلال وإن شاء الله إلى زوال.

ورغم كثرة العواصف وخطورتها فإن بلادنا عاشتها شامخة بدينها، وماضية بحضارتها، رغم أنف “داعش” وفاحش وجاحش!

حفظ الله بلادنا، وأدام عليها نعمه، إنه سميع مجيب.

Exit mobile version