المناهج ومن يدفع أجرة الزمار؟

توشك الحملة الإعلامية الصحفية الممنهجة في الهجوم على المناهج أن تؤتي أكلها وتثمر حنظلاً لا تقدماً وإبداعاً.

نعلم أن فريقاً “مستوزراً” أو متمصلحاً عرضوا خدماتهم على الوزارة بهذا الشأن، لكن ربما كانت إمكاناتهم غير كافية وفاتهم القطار، وليت الوزير استجاب لهم وأراحنا من فكرهم، وهم أربعة لا أعرف خامسهم!

الهوية الأردنية العربية الإسلامية تحت القصف المبكر، ومحاولة الإجهاز بحجج واهية تطل برأسها ثم تتوارى بحثاً عن فرصة سانحة.

أحد الهاجمين على المناهج من الأساتذة المنظّرين لهذه الهجمة قبل ما يزيد عن أربعين سنة، فقال لنا يوماً: يا سلام على السواك والطاقية! ساخراً من اللحية والطاقية والسواك وهو يلبس البسطار والبنطال “الشارلستون”.

فقال طالب بعفوية للأستاذ المحاضر المستهزئ: يا سلام على “السوالف والبسطار”، سوالف الأستاذ وبسطاره (وكانت موضة حينها) فسكت الأستاذ المحاضر ولم ينبس ببنت شفة.

نعم نحن بحاجة لثورة سلمية على التخلف والظلامية والفساد والتبعية والجمود والتقليد الأعمى المرفوض، وفلسفة الاستسلام للواقع، وقبول منهج التغلب والاستعلاء، وفلسفة الحيط الحيط، ونداء الهلع: حضّر حالك للزنزانة الانفرادية، ولتصحيح المناهج والأساليب والوسائل والقوانين والعادات والتقاليد ولا خلاف على ذلك وأيدينا مع أيدي المصلحين.

نُهبت ثرواتنا العربية وسكتنا أو سُكّتنا، وقيل: هذا ليس من اختصاصكم، ومُزقت وحدة بلادنا العربية بحجة التقاسم بين الفلسفة الشرقية الماركسية والغربية الرأسمالية فضيعنا العروبة والقومية والماركسية والرأسمالية، والإسلام طبعاً.

أدخلتم  التطبيع في أنوف الشعوب رغماً عنها بحجة الواقعية وإنقاذ الوضع الاقتصادي فازددنا دماراً على دمار، وفقراً على عوز، وعوزاً على تسول، وعجزاً على مديونية هائلة مستمرة.

خصخصتم التعليم عملياً فلا يصل من أبناء طبقة “العامة المسحوفة الطيبة”، وهي الطبقة الأوسع، للتخصصات المتقدمة ليكون على هوامش التخصصات الجامعية وليس في طلبها.

بيعت العراق وسورية في سوق النخاسة الدولية، حفاظاً ما أدري على ماذا؟

ضُيّعت فلسطين بالتدريج بعد التهيئة لتمزيق الأمة العربية وتكسير مجاذيفها، فكان سقوطها وضياعها نتيجة حتمية في عام 1948 و1967م وما تلاها من حروب السلام “كامب ديفيد، وأوسلو، ووداي عربة” وأخواتها!

وإذا كانت المملكة الأردنية الهاشمية أُسست وبُنيت حتى أصبحت دولة مهمة يُخطب ودها وتتمتع باستقرار وأمن تفاخر بهما دول العالم، في وسط ملتهب، فلا شك أن وسطية المناهج وأساليب التربية وعقلانية التعامل المتبادل بين الشعب بمختلف مكوناته والدولة والذي كان صمام الأمان بفضل الله.

ولكن هل الحالة الأردنية الاجتماعية محسودة ليقع عليها هذا الاستهداف ليس على حاضرها فقط كما هي الحال القائمة، إنما على مستقبلها ومستقبل أجيالها.

كم براءة اختراع سجلها أبناء هذا الوطن وهم نتاج المناهج التربوية (المستهدفة) والتي تحتاج إلى تطوير دائم والإفادة من الخبرات العالمية العلمية مع احترام فلسفتها وعقيدة شعبها وتاريخها العربي الإسلامي الإنساني.

إن اللعب بالمناهج في هذه الفترة الحرجة من الواقع العربي حيث الخطر التاريخي الذي ما زال يهدد كل شيء حتى الوجود للكيان السياسي الأردني، والمتمثل في الأطماع الصهيونية ومكائدها كما نسمع من قادة العدو الصهيوني بلا خجل.

التهديد من الأفكار المتطرفة المغالية وتجار الحروب العالميين، من معظم دول العالم حيث لم تجتمع المتناقضات إلا على تدمير الأقطار العربية؛ العراق وسورية والحبل على الجرار، فهذه روسيا وأمريكا وإيران وتركيا و”إسرائيل” وفرنسا وبريطانيا، عرب وعجم من مختلف دول العالم، من الدول التي تحارب الحريات العامة ولا تعترف بها، والدول التي تدعي أنها تحمل لواء الحرية في العالم كذباً وزوراً.

كيف ينزع الاختصاص من وزارات معينة ونقابات ذات تماس مع موضوع المناهج ليعطى الخبز للتاجر وليس للخباز، والهندسة للحداد والنجار، ألسنا في عصر التخصص بل والتخصصات الدقيقة في التخصص الواحد؟

لا أخشى على الإسلام العظيم، فلست الممثل له فهو إسلام الدولة والشعب الأردني ودين دولته الرسمي وثقافة للمسلم والمسيحي والعربي والشركسي، وللحاكم الهاشمي وللمحكوم العربي الأردني في الأرض المقدسة المباركة.

لا أخشى على الإسلام، فقد حوصر ما يقرب من 70 عاماً في الاتحاد السوفييتي سابقاً ولو حق من يقتني مصحفاً أو من يصوم رمضان، ولما زال قرص الظلم ظهر المسلمون أشد تمسكاً بدينهم إن لم يكونوا أشد تعصباً في جمهوريات الاتحاد السوفييتي وتعالت الشكوى من تطرف بعضهم.

بفضل جوجل وأي باحث إلكتروني انكشف المستور وزال القناع عن قضايا كثيرة.

وعن الأرقام والأحداث والمخططات والجهات المستفيدة من تغيير المناهج أصبحت مكشوفة بفضل الباحث المتطوع (الخبيث)!

والملايين العالمية المرصودة لهذه الغاية ليس للمناهج الأردنية فقط.

ماذا رصدت بعض الدول لتغيير المناهج؟ وأين؟ ومتى؟

وهنا استذكر كتاب “من يدفع أجرة الزمار” للكاتبة البريطانية وهو جزء من المثل البريطاني: من يدفع أجرة الزمار شريك في اللحن؟

ولنا أن نسأل من يدفع أجرة الزمار ونافخ الكير؟

Exit mobile version