أين الوجهة.. قبول أم إقصاء الآخر؟!

الحمد لله جعل الناس شعوباً وقبائل ليتعارفوا {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير} ( الحجرات:١٣).

ونصلي ونسلم على رسول الله محمد وآله وصحبه..

يروي الصحابي عبد الله بن سلام قبل إسلامه قائلاً: لَمَّا قَدِمَ رسولُ اللهِ “صلى الله عليه وسلم”المدينةَ انجَفَل الناسُ إليه، وقيل: قَدِمَ رسولُ اللهِ “صلى الله عليه وسلم”، فجِئْتُ في الناسِ لِأَنْظُرَ إليه فلما استَثْبَتُّ وجهَ رسولِ اللهِ “صلى الله عليه وسلم” عَرَفْتُ أن وجهَه ليس بوجهِ كذابٍ، وكان أَوَّلُ شيءٍ تكلّم به أن قال: «أَيُّها الناسُ أَفْشُوا السلامَ، وأَطْعِمُوا الطعامَ، وصَلُّوا والناسُ نِيَامٌ، تَدْخُلوا الجنةَ بسَلَامٍ» (صحيح).

رسول الله “صلى الله عليه وسلم” دعا الناس، كل الناس في مجتمع المدينة المنورة إلى:

– إفشاء السلام.

– إطعام الطعام.

– الصلاة بالليل والناس نيام.             

مبيناً لهم ثمرة هذه الأعمال: تدخلوا الجنة بسلام.

وبندائه عليه الصلاة والسلام (أيها الناس)، دعوة للجميع بالمشاركة بعمل صالح يعم نفعه لصاحبه وللآخرين.

إنها إيجابية الخطاب للآخر وتشجيعه وتحفيزه للعمل والمشاركة والبناء.

وما أحوجنا لمثل هذا الخطاب الذي يحوي في طياته الرحمة والرأفة والاحترام والتقدير والقبول.

خطاب يُشعر المخاطَب بأهميته، بل ويحفّزه لعمل إيجابي تسمو به نفسه، وترقى به روحه ويملأ به حياته، ويحقق أهدافه وتتميز به شخصيته.

وبوثيقة المدينة ودستورها وثق الجميع بقبوله واستقراره وأهميته كفرد مشارك مقبول في المجتمع.

وعكس ذلك خطاب الإقصاء للآخر. خطاب فيه الكبر والترفّع والتعالي على الناس؛ فهاهم الملأ من قوم نوح عليه السلام يعلنون احتقار الآخر: {فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشراً مثلنا، وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين} (هود:٢٧).

خطاب التعالي والرغبة في إقصاء الآخر واضح في العناصر التالية:

– وصف الناس (بالأراذل).

– لمز الناس بـ (بادي الرأي).

– التعالي.. (وما نرى لكم علينا من فضل).

-الاتهام غير المبرر.. (بل نظنكم كاذبين).

– إن خطاب وفكر إقصاء الآخر حَرَمَ هؤلاء من الإيمان، وحرمهم من العمل الصالح، وحرمهم من رفقة نبي عظيم من أولي العزم من الرسل وهو نوح عليه السلام.

إن فكر إقصاء الآخر له من النتائج السلبية المتعددة والخطيرة والتي منها:

– نشر الحقد والبغضاء بين أفراد المجتمع بسبب احتقارهم وإقصائهم.

– عدم الاستفادة من شرائح متعددة في المجتمع بسبب إقصائهم بسبب دين أو لون أو عرق أو مذهب.

– ترسيخ وشرعنة فكر التفرقة بين الناس.

– تعطيل طاقات الأفراد.

– إيجاد البطالة المجتمعيّة.

– العصبيّة بشتى أنواعها وعدم قبول الآخر.

– تأصيل وتجذير الخلاف البغيض بالبعد عن الاختلاف العاقل المتنوع بطاقات الأفراد وتعاونهم رغم اختلافهم!

– انكفاء مجموعات في المجتمع تكون عرضة لتكوين فكر هدّام أو سلوك منحرف.

 إذن لابد من الاستفادة من الطاقات الاجتماعية كلٌّ حسب تخصصه، والعمل وفق منظومة مجتمعيّة، تحقق أهداف المجتمع والوطن والأمة.

 والحمد لله رب العالمين.

Exit mobile version