ماذا يجري بين القاهرة وتل أبيب؟!

لم تكن زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري للقدس المحتلة مفاجئة.. فالعلاقات والاتصالات بين النظام المصري والحكومة الصهيونية متواصلة، والتنسيق السياسي والأمني والدبلوماسي على أفضل ما يكون.

وهناك ارتياح كبير بين الطرفين لمستوى العلاقات، فالسيسي يعتبر أن “إسرائيل” قادرة على توفير الدعم لنظامه في الغرب وفي الولايات المتحدة تحديداً، والحكومة الصهيونية تعتبر أن نظام السيسي قدّم لها خدمات مهمة، لأنه خلّصها من حكم الإخوان المسلمين، ويحاصر حماس، وهو مستعد للتعاون إلى أبعد مستوى.

الرؤية المشتركة اليوم بين نظام السيسي ونتنياهو هي التفاهم والتعاون والتنسيق في جميع الملفات، تجاه كل قضايا المنطقة وقضايا التعاون الثنائي، لكن مع شعور الطرفين بحاجة كل منهما للآخر، وقناعة الإسرائيليين أنهم الأقدر على التأثير في الموقف المصري، نظراً للضعف السياسي والاقتصادي والأمني الذي يعانيه السيسي.

لماذا هذا التقارب المصري الصهيوني الآن؟!

مع زيارة سامح شكري للقدس المحتلة، يتعزز المناخ السياسي المواكب للزيارة بأن هناك رغبة مصرية عند مستوى معيّن ومحدّد من المسؤولين بضرورة قيام مصر بدور إقليمي يعيد لها وزنها السياسي والدبلوماسي، بعد تراجع هذا الدور، خاصة في ليبيا والسودان وفلسطين، وفي ظل أزمات المنطقة وانشغال السعودية وإيران وتركيا وسوريا والعراق في أزمات صعبة.

وهذه الزيارة هي استكمال للدعوة التي أطلقها عبد الفتاح السيسي لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الصهيونية، وهي دعوة تأتي استكمالاً لحديث عربي مع الصهاينة بضرورة إعادة النظر في المبادرة العربية للسلام من خلال التخلّي عن بعض جوانبها، وإسقاط أي مطلب يتعلق بعودة اللاجئين، والذهاب نحو تفعيل التنسيق الأمني مع الإسرائيليين.

والعودة المطروحة اليوم لمفاوضات التسوية تأتي منسجمة مع مؤتمر باريس ووجود رغبة فرنسية أوروبية أمريكية في استئناف التسوية.. لكن دون السقف الذي يحقق مصالح الشعب الفلسطيني.

لا بل إن تقرير اللجنة الرباعية الدولية الذي لم ينتقد إرهاب الاحتلال، وسكت عن الاستيطان، ونعى حلّ الدولتين، أصبح هو السقف السياسي المطلوب، الذي أصبح أكثر انحداراً من مؤتمر مدريد واتفاق أوسلو.

ويخشى أن يكون هناك توجّه مصري صهيوني لفرض ترتيب البيت الفلسطيني من خلال الإطاحة بمحمود عباس، وتثبيت زعامة فلسطينية في الضفة الغربية، وتعيين حاكم خارجي لغزّة، مع تشديد الحصار على غزّة، أو محاربتها لاحقاً.

Exit mobile version