دحلان خلفاً لعباس

الحديث عن إزاحة محمود عباس من رئاسة السلطة الفلسطينية واستبداله بمحمد دحلان كان يتم في الخفاء، في الاتصالات الجارية بين الأطراف الدولية والإقليمية.

اليوم، أصبحت قضية مجيء دحلان لرئاسة السلطة أمراً علنياً، يتم التداول به في كل مكان، وأكثر ما تجد ذلك في تصريحات مسؤولين “إسرائيليين”، وفي الصحافة “الإسرائيلية”.

في السنوات الأخيرة، تدهورت العلاقة بين محمود عباس وعدد من الدول العربية، خاصة مصر والأردن والإمارات، لأسباب سياسية ولأسباب لها علاقة بوراثة موقع رئاسة السلطة الفلسطينية، وللصراع بين عباس، ودحلان.

السيسي حاول ثلاث مرات إجراء مصالحة بين عباس، ودحلان، عباس رفض.. دولة الإمارات العربية طلبت من عباس التصالح مع دحلان ووعدته بسدّ العجز في موازنة السلطة.. عباس رفض.

عباس يدرك أن المصالحة مع دحلان وإعادته لحركة “فتح” تعني شهادة وفاة له.. ردّ عباس بعنف، فأقال ياسر عبد ربّه وأغلق مؤسسة يقودها سلام فياض تموّلها دولة الإمارات، وبدأ يعمل لإيجاد بديل له غير دحلان.

مشروع المجيء بدحلان رئيساً بدلاً من عباس حصل في الفترة الأخيرة على عناصر قوة: إصرار السيسي على المصالحة، مجيء أفيجدور ليبرمان صديق دحلان إلى وزارة الدفاع “الإسرائيلية”، غضب نتنياهو من عباس، الأمريكيون بدؤوا يناقشون بديل محمود عباس، عباس أساء التصرّف في ملفات كثيرة وأصبح شخصاً كريهاً عند الفلسطينيين، المحكمة الدستورية تأسست بهدف تمرير اختيار خلف لعباس.

بدائل عباس الأخرى ضعيفة: صائب عريقات، جبريل الرجوب، أحمد قريع.

الرهان على دحلان هو الغالب.. حصان طروادة.

الآخرون يجدون في دحلان فرصتهم الذهبية: ابن قطاع غزة، يمتلك خبرة أمنية، علاقاته الدولية واسعة، استُخدم وسيلة لتنفيذ عشرات المهمات في الخارج بتكليف من رعاته، لديه حقيبة مالية ضخمة، لديه كتلة برلمانية مؤيدة، لديه نفوذ داخل “فتح”، والأهم من ذلك حجم العداء بينه وبين حركة “حماس”.

الذين يفكّرون في دحلان لا يتطلعون لمصالح الشعب الفلسطيني ولا لمصالح حركة “فتح” والسلطة.

دحلان هو رأس جسر يهدف إلى شنّ حرب داخلية خارجية على “حماس” من أجل إسقاطها.

وتنصيب دحلان رئيساً، على السلطة أو على حركة “فتح” لا يهم، لكن نقاط الضعف عند دحلان كبيرة جداً أيضاً: الشخص معروف بارتباطه تاريخياً بالاحتلال، ومتهم بإزاحة ياسر عرفات، وفي رقبته دماء كثيرة، وكثير من العائلات الفلسطينية في قطاع غزة تهدده بالثأر، وهناك تيارات في حركة “فتح” تعارضه.

نحن أمام مخطط جديد يستهدف الساحة الفلسطينية، تتشابك فيه العوامل وأوراق القوة والأوضاع الإقليمية.

Exit mobile version