القنوات والمسلسلات.. تتحدى!

المسلسلات العربية – شئنا أم أبينا – باتت متلازمة رمضانية على القنوات الفضائية، هذه القنوات تنام طوال السنة عن الإنتاج، ولا تنشط إلا في رمضان لعرض إنتاجها، حتى صار رمضان شهر مسلسلات، وكأنها بهذا قطعت على نفسها عهداً ألا تنفك عنه، أو أنها عقدت اتفاقية مع “إبليس” بمساعدته في إغواء الناس طيلة الشهر الكريم، فمردة الشياطين يصفدون، وشياطين الإنس يغوون بالنيابة!

في المسلسلات العربية تعرض المعصية على أنها واقع لا بد من التكيف معه، لا على أنها جرم يستلزم التوبة والإقلاع عنها، تصور المسلسلات المذنب على أنه بطل، لم يرتكب الخطيئة إلا بسبب الظروف الجبارة!

فمثلاً؛ هي تخون زوجها لأن أهلها أجبروها على الزواج من شخص أكبر منها في السن، فتزوجت رغماً عنها، وتظل على علاقة مع شخص آخر أحبته رغم كونها في عصمة رجل!

هي تهرب من البيت مع عشيقها، وتعصى والديها؛ لأن الحب أقوى من كل شيء، وأخرى تمارس البغاء؛ لأن الظروف أجبرتها ودفعتها لذلك!

وأيضاً هو يرتشي ويتعامل بالمحرم؛ لأن لديه عائلة كبيرة، تحتاج إلى مصاريف أكثر.. يعق والده؛ لأن هذا الأب كان مشغولاً عنه بالزواج من امرأة ثانية.. إلخ

هذه الصور أقل ما فيها إحلال للمحرم، وتهوين من شؤم الكبائر، فيجعلونك تتعاطف مع المرتشي، والعاق، و”الصايعة”؛ لأنهم أناس قست عليهم الحياة، ولم تجرِ سفنهم بما يشتهي السفِنُ!

ما ذكرته عالياً ما هو إلا قطرة من بحار سلبيات المسلسلات، وإلا فسلبياتها أكثر من أن يتناولها مقال، ومع الأسف تتخم الفضائيات بمشاهد التعري والخمور والرقص، وهذه السلبيات تعرض في الشهر الكريم، فمن يتصور أن يتحول ليل رمضان إلى انعتاق كامل من الفضيلة والأخلاق؟

ورغم النقد الحاد لهذه الأعمال الفنية من قبل كتَّاب الصحف، والخطباء، وأصحاب الفكر، لكن مسؤولي القنوات في أذن طين وفي الأخرى عجين، لا يسمعون ما يقال، ولا يرون ما يكتب، يقول الكاتب المتألق الأستاذ محمد معروف الشيباني في مقال له عن مسؤولي القنوات: إما أنهم لا يقرؤون ما يكتب عنهم ولا أظن، أو أنهم يقرؤون ويصدون عن التصحيح؛ استسهالاً للغث الضار وإمعاناً في تحدي المجتمع وقيمه، أو أنهم يصرون على ما فعلوا لمآرب يخفونها.

وما دام المنتجون وملاّك القنوات يتحدون باستفزاز المجتمع في قيمه، وصادين عن أي نقد، وعازمين على “فتنة” الناس، وسلب خصوصية الشهر الكريم، فالمسؤولية هي بيد رب وربة البيت، فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، أما أولئك فلهم رب ويوم سيسألون فيه، كم من خطيئة دعوا لها، وكم من إنسان أضلوه!

Exit mobile version