إدارة الصراع في المؤسسة وإيجابياته

الحمد لله العليم، الخبير بقلوب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله محمد، جمع الله به النفوس، (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)) (الأنفال).

إن المؤسسة المتميزة لتعمل على تأليف قلوب أعضائها حفاظاً عليهم وعليها من آفات الصراع الذي نتيجته الخسارة والفشل؛ (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)) (الأنفال).

الآثار السلبية للصراع:

– قد يدفع كل طرف من أطراف الصراع إلى التطرف في تقدير مصلحته على حساب المصلحة العامة للمؤسسة.

– يحوّل الجهد والطاقة عن المهمة الحقيقية.

– يهدم المعنويات ويهدر الوقت والجهد والمال؛ مما يضعف مستوى الكفاءة والفعالية.

– فقدان الثقة بين الإدارة والعاملين ولجوء الأفراد إلى أعمال الانتقام.

– انخفاض الروح المعنوية لعدم الشعور بالرضا وبالتالي عدم تحقيق روح الفريق الواحد.

– انخفاض الإنتاجية وتعرُّض الأداء إلى الجمود.

– الشلل والتوتر النفسي في المؤسسة.

 ولذلك حرص الحكماء على رسم إستراتيجيات إدارية لإدارة وعلاج الصراع داخل المؤسسة، والتي منها:

١- التجنب: تتضمن هذه الإستراتيجية التغاضي عن أسباب الصراع، على أن يستمر الصراع تحت ظروف معينة ومحكمة وتستخدم أساليب: الإهمال، الفصل الجسدي بين أطراف الصراع، التفاعل المحدود.

٢- التهدئة: تسعى هذه الإستراتيجية إلى كسب الوقت حتى تهدأ عواطف الأطراف المتصارعة، وتخف حدة الصراع بينهما، وهناك أسلوبان يمكن استخدامهما في هذا المجال؛ التخفيف، والتوفيق.

٣- الإجبار: يتم اللجوء هنا إلى القوة لإنهاء الصراع، ويتم ذلك بإقحام شخص مسؤول من مركز أعلى للتدخل مع أطراف الصراع لعلاج الموقف ببساطة من خلال الأمر بإنهاء الصراع، وإعطاء كل ذي حق حقه منعاً للظلم والتعسف، وبُعداً عن إهدار الحقوق وهضم المكتسبات.

٤- المواجهة: يتم هنا تحديد ومناقشة مصادر الصراع، حيث يتم معرفة المصالح المشتركة للمجموعات المتصارعة والتركيز عليها.

٥- المساومة: تعكس هذه الإستراتيجية ميل بعض الأفراد إلى التضحية ببعض مصالحهم في سبيل التوصل إلى حالة اتفاق، ويُطلق عليها أسلوب التسوية أو الحل الوسط.

الآثار الإيجابية للصراع:

إن أصحاب الفكر الإداري الحديث يعترفون بالأثر الإيجابي للصراع، وصدق الله تعالى: ” فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) ” (النساء)، فمن هذه الآثار الإيجابية للصراع:

– إن الصراع يفجّر طاقات الأفراد ويبرز قدراتهم التي لا تظهر في الظروف العادية.

– يتضمن الصراع المؤسسي عادة بحثاً عن حل لمشكلة؛ ومن خلال هذا الحل يتم اكتشاف التغيرات الضرورية لنظام المؤسسة.

– إن السعي لحل الصراع يفتح طرقاً جديدة للاتصال.

– قد يؤدي الصراع إلى إزاحة الستار عن حقائق ومعلومات قد تساعد في تشخيص بعض المشكلات في المؤسسة.

– يمكن للصراع أن يكون خبرة تعليمية جديدة للأفراد العاملين.

– يعمل الصراع على فتح نوافذ قضايا للحوار والمناقشة بطريقة المواجهة المباشرة.

– يمكن أن يكون هذا الصراع محفّزاً لتوليد الأفكار لحل المشكلات، فيكون هذا الصراع أساساً لعمليات الإبداع والابتكار والتحفيز في المؤسسة.

– مراجعة المؤسسة لمعاييرها التي تحكم سلوك الأعضاء العاملين، فلهذه المعايير دور في حجم الصراعات التي تنشأ داخل المؤسسة، ومن هذه المعايير معايير الانتساب ومعايير الكفاءات القيادية والمتميزة، ومعايير الامتيازات المالية والترقيات.

– قد تكون حوارات الصراع وما يعقبها من معلومات ووضوح يعطي للأفراد العاملين جرعات مطمئنة في الرضا الوظيفي والوضع الإداري لهم وللمؤسسة.

– قد يكون الصراع بابا لفتح كثير من الجوانب الغامضة في المؤسسة؛ تلك الجوانب التي لو كانت واضحة لسدت كثيراً من أبواب الصراع.

– قد يكون الصراع سبباً في فك تعارض أهداف المؤسسة؛ حيث يكون هذا الصراع بمثابة مراجعة علنية دقيقة وشجاعة للأهداف واختصاص فرق العمل لتحقيق أهدافها، حسب تخصصها بلا تداخل و تعارض.

والحمد لله رب العالمين.

 

المرجع

1- مصطفى يوسف كافي، إدارة الصراع والأزمات التنظيمية.

Exit mobile version