أوقفوها.. ولا تنشروها!

لا يخطر ببالك أن “داعش” عبارة فقط عن أولئك القتلة الذين يتفننون في قتل المساكين بالحرق، والسحل ويسمونه جهاداً، ولا الجزارين الذين يحملون السواطير، ويهوون بها على رؤوس الأبرياء!

هناك على الضفة الأخرى حرب إعلامية هائلة يقودها هذا التنظيم ويتفنن في إخراجها وتسويقها، لدى “داعش” إعلام فتّاك يلمع صورة دولة خلافتهم المزعومة، وربطها بالإسلام، فهم لا يكفون عن الاستشهاد بالأحاديث والآيات، وبأقوال العلماء كابن تيمية، طبعاً يوردون النصوص في غير موضعها، ويأخذون ما يريدونه منها على طريقة “ويل للمصلين”!

سياسة “داعش” الإعلامية على درجة عالية من التطور، إذ تنتج الجديد، مكتوباً أو مرئياً، فاستغلال شبكة الإنترنت يعد أهم موارد التجنيد لديها، واستقطاب الموالين من مختلف الدول.

أهمية الدعاية الإعلامية يؤمن بها أي تنظيم منحرف أو غير منحرف، فـ”القاعدة” كانت تعتمد على “الكاسيت”، والإصدارات الورقية، ثم الإنترنت، و”داعش” توسع أكثر فهو يعتمد على النشر الإلكتروني، عبر مواقع خاصة بهم، ومجلات، و”يوتيوب”، وهناك تغلغل في كل وسائل التواصل كـ”تويتر” و”الفيسبوك”، و”الإنستجرام”، ليصلوا إلى أكبر شريحة، فمتوسط عدد التغريدات تصل إلى 200 تغريدة يومياً تثبت أكثرها من سورية والعراق.

وفي دراسة حديثة من إصدارات مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات، عنوانها “دعاية الإرهاب: إعلام تنظيم داعش وإستراتيجية عمله”، يرى المؤلف أن “داعش” نجح من خلال الإنترنت في تجنيد متخصصين ذوي خبرات عالية، حيث ساهموا في نقل “ثيمات” سينمائية إلى عالم الإعلام الجهادي، وصارت علامات ظاهرة وواضحة يمكن ملاحظتها في إعلام “داعش”؛ مثل الحرص على الظهور على صهوات الجياد، ورفع السيوف؛ كالفرسان القدامى، تصديقاً لرسالة التنظيم التي تؤكد حمل رسالة الإسلام كما بُعث أول مرة!

لا تحفل رسائل الإعلام “الداعشية” بمنظر الرؤوس المقطعة، والأشلاء المتناثرة، بل تحفل بصور شتى من جوانب تأسيس سلطتهم المزعومة، عبر بث صور لعنايتهم بالتعليم والصحة، ورعاية سكان المناطق التي يسيطرون عليها، والعروض العسكرية.. إلخ، والدعاية الإعلامية لـ”الدواعش” تهدف إلى جذب الكثير من المتعاطفين من الشباب والصغار، وترسيخ شرعية خلافتهم القائمة في أجزاء من العراق وسورية أيديولوجياً وفقهياً، أما عرض مقاطع القتل فالهدف منها ترويع الآخرين، وبث الذعر في نفوس خصومهم.

الحرب العسكرية على “داعش” قد تعمل على خلخلة التنظيم، وكسر شوكته، لكن الحرب الكبرى مع “داعش” هي حرب أفكار، فـ”دواعش” اليوم قد يموتون، ويولد غداً “داعش” آخر باسم وبشكل آخر!

وبما أن “الدواعش” تنظيم منحرف، ويتغلغلون في وسائل التواصل الاجتماعي، فأقصى أمانيهم نشر شيء عنهم، وتناقل مقاطعهم، وتأكد تماماً – قارئي العزيز – أنهم يعتمدون عليك في حربهم الإعلامية، فلا تكن أداة تمرر من تحت أصابعك أهدافهم، وأدناها نشر المقاطع التي يؤلفونها، فمباهاتك بالسبق الإعلامي في النشر هي ثغرة يتسلل منها الإرهاب، فأوقفوا نشر مقاطعهم عبر حساباتكم الاجتماعية لقطع طريق انتشارهم!

Exit mobile version