وسائل “الإزعاج” الاجتماعي!

“أخشى ذلك اليوم الذي ستطغى فيه التكنولوجيا على تواصل البشر لبعضهم، وحينها سيحظى العالم بجيل من الأغبياء”.. قائل هذه الجملة هو “أينشتاين”، وكمعلومة فالشيخ أنيشتاين! مات قبل 60 عاماً، أجل ماذا سيقول لو عاش عصرنا، وأدرك جيل “الواتساب” و”الفيسبوك”، و”تويتر”، و”السناب شات”.. إلخ؟

الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي حولها إلى وسائل إزعاج، وأفرز لنا الكثير من السلبيات، ففي دراسة حديثة بينت أن 75% من مستخدمي الجوال، يفتحون “الواتساب” قبل غسل وجوههم بعد استيقاظهم من النوم؛ وهو مؤشر مخيف يكشف مدى الهوس والإدمان على هذا التطبيق!

أدوات التواصل أفقدتنا الإحساس بطعم الحياة والعيش على شواطئها، والتأمل في مجرياتها.

صار هم الواحد منا نقل الخبر الذي حوله، أكثر من أن يتفاعل مع الحدث الذي أمامه، فلو رأى حادثاً مرورياً، أول ما يفكر به التصوير ونشر الخبر قبل أن يفكر في إسعاف المصابين، وقد تجد شخصاً جالساً في المستشفى مرافقاً مع أبيه أو أحد أقاربه ويكون مشغولاً بتصوير المريض وبث الصورة، أكثر من انشغاله بالدعاء له أو الاهتمام به!

كم من الأوقات تهدر على أجهزتنا.. الدردشات تأخذ حصة، والألعاب الإلكترونية الجماعية تأخذ نصيب الأسد، وكثرة التطبيقات هي الأخرى أشغلتنا عن مطالعة المفيد والمهم.

وأيضاً، لا ننسى من الناحية الصحية أن هذا الجيل يعرف بجيل “الرقبة المنحنية” من كثرة انحناء رؤوسهم على الهواتف الذكية!

ألق نظرة على ضيوف في مجلس ما، تجدهم مشغولين بالدردشة وبعالمهم الآخر، أكثر من تركيزهم مع مضيفهم، أو من حولهم، فضيوف آخر زمن يحتاجون شبكة “واي فاي” كضيافة أكثر من حاجتهم للشاي والقهوة!

الأطفال يسرحون ويمرحون في البيت، أو عاكفين على أجهزتهم بالساعات الطوال، وأمهم في غرفة نومها ترسل الصور والمقاطع عبر “الواتساب”، وفي الضفة الأخرى، أبوهم مشغول بجهازه مع عالمه الخيالي يرسل ويستقبل ويتفاعل! أي تربية سيحظى بها أطفال شُغِل عنهم آباءهم بهذا الشكل؟

في الأسر بات اجتماع العائلة شبه اليومي مملاً، كل الأطراف مشغولين بأجهزتهم، صارت حياتنا أشبه بالنسخ واللصق، لا يسع الواحد أن يعبر عن مشاعره الحقيقية والواقعية، لأننا أدمناها إلكترونياً مع الآخرين.

هو أنشغل عنها، فلا يحادثها ولا يداعبها، مع أنه يتكئ بجانبها، وهي مشغولة عنه، بصديقاتها الافتراضيات، دون أن تلاطف وتشارك شريكها الآخر.. هي أو هو يتمنى أن يكون “جوالاً” حتى يتصفحه الآخر، ويعتني به!

لم يعد لبيوتنا خصوصية.. فـ”الواتساب” كشف لنا ما في بيوت جيراننا من أثاث، وملابس!، و”الأنستجرام” بين لنا طول وعرض وأنواع موائد الطعام التي يتلذذ بها أصحابنا! و”السناب شات” أظهر لنا تحركات ربعنا، “وين راحوا؟ وما الذي زاروه؟ وأين استأجروا..؟!”.

أخيراً..

لا أحد يلوم الأجهزة، السبب هو نحن الذين أدمناها، ولم نأخذ حسناتها ونترك سلبياتها، فلا تلوموها ولوموا أنفسكم!

Exit mobile version