“حماس” في القاهرة.. جولة عادية أم تفاهمات مرحلية؟

مع وصول وفد من حركة “حماس” إلى القاهرة، تكون العلاقة بين الحركة الفلسطينية والسلطة في مصر خطت خطوة أولى نحو الطريق الصحيح، بعدما أصبحت هذه العلاقة تسير على حدّ السيف المؤلم للطرفين.

منذ عام 2013م، ركّز النظام المصري بمؤسساته السياسية والأمنية والقانونية والإعلامية على اتهام حركة “حماس” بالتدخّل في الشأن الداخلي المصري، وإطلاق سراح سجناء، ودعم مجموعات “إرهابية”، وأعمال تفجير واغتيال وتخريب الاقتصاد.

وقامت السلطات المصرية بإغلاق معبر رفح وتدمير جميع الأنفاق، وشجعت خصوم “حماس” على التشدّد في العلاقة معها.

وكانت آخر حلقات هذا المسلسل قبل أيام حين اتهم وزير الداخلية المصري حركة “حماس” باغتيال النائب العام هشام بركات.

اليوم، ومع وصول وفد “حماس” إلى القاهرة، تبرز مؤشرات ذات معنى:

1- إن هذه الزيارة مؤشر على وجود تيار في القاهرة ما زال يعطي الأولوية للحوار مع حركة “حماس” وللتباحث معها في كل القضايا المشتركة، وهذا تطوّر إيجابي مع وجود تيار آخر يتهم “حماس”، ويزيد من مستوى التوتر معها، متخلياً عن دور مصر ومكانتها ومصالحها.

2- إن هذه الزيارة تدل على أن الحوار ممكن بين مصر و”حماس”، وأن القضايا الخلافية تُحلّ من خلال وضع كل هذه النقاط على الطاولة، ومناقشتها بروح المسؤولية، ووفق مصالح الشعبين المصري والفلسطيني، وعبر قنوات حوار دائمة، وليس عبر الاتهامات والبرامج الحوارية.

هذه الزيارة تظهر حاجة مصر لـ”حماس”، كما حاجة “حماس” لمصر، فالعلاقات الثنائية والمصالح المشتركة، وقضايا التنسيق الأمني والمعابر والأنفاق وإعمار غزة، والمصالحة الفلسطينية، وتحييد العلاقة الثنائية عن التوترات والصراعات في المنطقة هي مصالح مشتركة للطرفين، ويعرف قادة مصر و”حماس” أن المنطقة تعيش واقعاً سياسياً وأمنياً واجتماعياً مأزوماً، وأن العنف لا يشكل حلاً للمشكلات العالقة؛ وبالتالي فإن كلاً من مصر و”حماس” معنيتان بالتوصل لتفاهم على الخطوط العامة وآلية تواصل دائمة، مع توفير انفراجة حقيقة لقطاع غزة.

وكما أن المطلوب من “حماس” عدم التدخل في الشأن السياسي الداخلي المصري ودعم الأمن والاستقرار في مصر، فإن المطلوب أيضاً من السلطة المصرية تفعيل التواصل مع “حماس” بصفتها السياسية ووزنها في فلسطين والمنطقة، واتخاذ خطوات فاعلة لتسهيل الحياة في قطاع غزة.

قد يكون من الصعب التنبؤ بنتائج الزيارة من الآن، فهي بالتأكيد حافلة باللقاءات، لكن ما يمكن تلمّسه هو أن هذه الزيارة جاءت في وقت صعب محلياً وإقليمياً، فالنظام المصري في أصعب أوضاعه السياسية والاقتصادية والأمنية تعقيداً، و”حماس” تعاني مشكلات سياسية وحصاراً، لكن لكل من الطرفين القدرة على صياغة تفاهمات تصلح للتأسيس لعلاقة جديدة.

Exit mobile version