الاتهامات المصرية لـ”حماس” محاولة نقل أزمة النظام

لم يعد اتهام النظام المصري لحركة “حماس” بتنفيذ أعمال قتل وتفجير أو بالتدخل في شؤون مصر الداخلية أمراً جديداً، فنظام السيسي اعتاد منذ حركته الانقلابية عام 2013م على إطلاق الاتهامات بحق حركة “حماس”، واتهام مجموعات سياسية وشخصيات مصرية عامة بالتخابر مع “حماس”.

اتهامات نظام السيسي لـ”حماس” صارت معزوفة قديمة، أو أسطوانة مشروخة، وهي عبارة عن ترديد اتهامات باطلة، وأقرب ما تكون إلى أعمال الكيدية السياسية.

فقيام وزير الداخلية المصري اللواء مجدي عبدالغفار باتهام “حماس” بالمشاركة في اغتيال النائب العام المصري هشام بركات هي في الحقيقة اتهامات فارغة ولا تحمل مصداقية.

فالقضاء المصري هو قضاء مسيَّس، وتابع، وتحرّكه أجهزة المخابرات، والتدخلات السياسية، وهو قضاء يفتقد للاستقلالية والمصداقية، وأحكامه وتحقيقاته مشكوك فيها، وحظيت برفض المنظمات الحقوقية والإنسانية العالمية، وهو قضاء لا يتصف بالمصداقية أو النزاهة، يحكم على الأطفال، ويُصدر الأحكام الجماعية، ويبرئ المجرمين وأصحاب السوابق وناهبي المال العام.

وهذه الاتهامات ضدّ “حماس” صادرة عن وزارة الداخلية المصرية، ولا أحد يعلم مصدر تحقيقاتها أو الأدلة والمستندات التي استندت إليها، وكل ما جاء في المؤتمر الصحفي لوزير الداخلية المصري هي عبارات إنشائية مضخمة.

أما من الناحية السياسية؛ فإن اتهام “حماس” في هذا التوقيت هو محاولة من النظام المصري بيع مواقف للخارج، والتقرّب من جهات إقليمية مثل الكيان الصهيوني؛ للحصول على دعم أكثر يضمن توفير استمرارية للنظام، وحماية خارجية، في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية التي يعانيها النظام، وتراجع شعبيته، وانحدار مستواه، لدرجة أن السيسي عرض نفسه للبيع.

إن اتهام “حماس” في هذا التوقيت جاء ليبرّر التشدّد المصري في تعطيل محاولات التقارب مع “حماس”، وتعطيل الجهود التي تبذلها “حماس” على المستويات المحلية والإقليمية، لإنجاز المصالحة الفلسطينية، وتحسين الأوضاع الاقتصادية وتسريع الإعمار، وتسهيل فتح المعابر والميناء.

إن اتهام “حماس” هو مجرّد خطاب صادر عن السلطات المصرية للقوى الخارجية لدعم نظام فاقد للشرعية والصلاحية والأهلية، فاشل سياسياً، عاجز محلياً وإقليمياً، غير قادر على معالجة اضطراب الأمن في سيناء، واهتزاز استقرار المجتمع المصري، وتوفير الرواتب ومعالجة العجز المالي.

ولا نستبعد أن يكون هذا الاتهام ناتج عن وجود تيارات متصارعة داخل النظام تسعى لتعطيل أي عملية مصالحة مصرية داخلية، لن يكون للسيسي دور فيها.

ومن سوء حظ “حماس” أن يقع عليها هذا الاتهام، إنها ضريبة الجوار أو الجغرافيا.

Exit mobile version