جوائز للطعن في ثوابت الإسلام!

ذات يوم قبل الثورة، خرج المدعو سيد القمني بمقولات تطعن في الإسلام ونبيه – صلى الله عليه وسلم – وفتحت له الشاشات والصفحات صدرها الواسع ليقول ويزيد ويعيد، متحدياً العلم والمنطق والوحي جميعاً، وغضب الفضلاء والعقلاء والعلماء، وكانت النتيجة أن أكبر هيئة ثقافية رسمية في الدولة (المجلس الأعلى للثقافة) منحته جائزة الدولة التقديرية التي مُنحت من قبل للعقاد، والزيات، والحكيم، وأبي حديد، ومحمود تيمور، وعزيز أباظة، وكبار المثقفين الحقيقيين في الوطن!

هذا التصرف الأحمق كان تمثيلاً لسطوة التعصب الأعمى الذي يحكم المشهد الثقافي في مصر، وهو تعصب جاهل تتوّجُه لغة الخدامة للأجهزة السفلى، والرغبة في الارتزاق الحرام من أموال الشعب البائس، فضلاً عن العداء البدائي المتوحش للإسلام والمسلمين.

قبل أسابيع سمعنا أن لجنة القصة في المجلس الأعلى للثقافة رشحت الشخص المذكور ذاته مع شخص آخر يدعى إسلام البحيري لجائزة الملك فيصل للدراسات الإسلامية وخدمة الإسلام.

غضب الناس من هذا السلوك الذي يشبه كيد النساء أو مكايدة الضرائر، فلا يمكن أن يكون هذا سلوكاً ثقافياً متحضراً ينتسب إلى لجنة لا علاقة لها بالإسلام ودراساته، وتختص بفن من فنون الأدب، ثم إن المذكورين لا علاقة لهما من قريب أو بعيد بالدرس الإسلامي، أيضاً فهما لا يصليان ولا يصومان ولا يزكيان ولا يحجان، ولا يحفظان القرآن، ولا الحديث الشريف، وكتاباتهما وكلامهما مجرد نقول غبيّة من بعض كتب المستشرقين التي لا تقوم على أساس منهجي أو علمي، وما يقولانه عبر أجهزة الإعلام يمثل حالة بشعة من سوء الأدب وقلة الزاد المعرفي، فضلاً عن معجم البذاءة الذي يرفضه الإسلام والمسلمون، فقد سمعنا سباباً بذيئاً فاحشاً لأئمة المذاهب الفقهية والحديث الشريف، واتهامات رخيصة لأحمد بن حنبل، ومالك، والشافعي، وأبي حنيفة، والبخاري، ومسلم، وابن تيمية، وغيرهم، أقلها السفه والعته والخلل.

وخرج الشخص الذي يقال: إنه مقرر لجنه القصة ليعلن أن ترشيح الشخصين المذكورين لجائزة فيصل وجهة نظر! في الوقت الذي تبرأ فيه وزير الثقافة وأمينة المجلس الأعلى للثقافة من هذا الترشيح، وأكدا أنهما لا يعلمان عنه شيئاً!

تاريخ الجوائز التي تمنحها وزارة الثقافة في عهد الحظيرة؛ معظمه لا يشرف، فهي لا تمنح إلا للمعادين للإسلام أو للمنافقين الذين يلعبون على كل الحبال، وهناك كما يعلم الناس كثير من الباحثين والعلماء الأفذاذ في الدراسات الإسلامية وخدمة الإسلام، لا تلتفت إليهم الجوائز، بل تحرمهم إذا رُشحوا لها؛ لأن عناصر الحظيرة الثقافية المهيمنة، تتعاطف مع كل الأديان والشرائع والملل والنحل إلا الإسلام الذي يسميه بعض رواد الحظيرة بالإظلام، والظلام!

ثم تأتي إحداهن لتطعن في شعيرة الأضحية ونبوة سيدنا إبراهيم، وإسماعيل، والوحي، وترى في ذلك نوعاً من المزاح والدعابة، ولا أدري هل تستطيع أن تداعب أحبابها في الكنيسة الأرثوذكسية بشيء من هذا فتمزح حول الرشم والتعميد والقربان وخلاص الروح والحرمان والغفران؟ لا أظنها تستطيع.

شخص اسمه يوسف زيدان طعن في الإسراء والمعراج والمسجد الأقصى، ووصف الصراع مع الغزاة النازيين اليهود في فلسطين بأنه “بكش”، وسفّه صلاح الدين الأيوبي محرر القدس، وافترى عليه، ثم اتهم المسلمين بالجهل والتخلف.

هذا الشخص كتب رواية اسمها “عزازيل” تنتمي إلى التاريخ القديم؛ صوّر فيها بشاعة المذابح الكنسيّة للعلماء وخاصة عالمة الرياضيات المصرية “هيباتيا”، فقامت قيامة الكنيسة وكبراؤها، وراحوا ينذرونه ويتوعّدونه، يومها راح يعتذر ويتودد ويجثو على ركبتيه طلباً للعفو، ولكنه اليوم وقد اندمج مع الركب الانقلابي العسكري الدموي الفاشي، لم يتورع عن التصفيق والتهليل لذبح المسلمين في رابعة والنهضة، ودعا إلى مزيد من القتل الظالم، ولشجاعته الخارقة حذف الفقرات التي ضمنها موقفه المشين حين عرف أنه يمكن أن يحاسب عليها في يوم ما، ولكنه الآن يطعن في ثوابت الإسلام ليحظى بالجوائز، والرضا الانقلابي فهو يأمن العقاب!

إن فريق الحظيرة المهيمن على الثقافة في بلادي تفرغ تماماً لمحاربة الإسلام بوحي من الانقلاب العسكري الدموي الفاشي، تحت ذريعة تجديد الخطاب الديني، وبعد أن اتهم الحركة الإسلامية والمتمسكين بالإسلام ديناً وحياة ومنهجاً وتشريعاً، بالتطرف والإرهاب والعنف، انتقل إلى الأزهر الشريف، وزعم أنه منبع الإرهاب وما يسمى الفكر الوهابي، وذهب أبعد من ذلك حين زعم أنه صنع “داعش”، وطالب برأسه ودمه بوصفه عقبة في تاريخ تقدم مصر وانطلاقها!

حين يتصدى القانون لانفلات بعضهم تقوم الدنيا ولا تقعد من أجل حرية الفكر وحق التعبير، وفي الوقت نفسه لا يخجل وزير الثقافة من نفسه حين يعلن بمنتهى البساطة أن معرض الكتاب خالٍ من كتب «سيد قطب» هذا العام!

أين حرية الفكر وحق التعبير؟ إنها محكمة تفتيش يقودها سيّد الحظيرة ضد الحرية وضد الفكر وضد التعبير جميعاً!

ثم ألا يشعر بالخجل والعار وهو يدعي أنه لا يوجد أخطر من حسن البنا، أو سيد قطب، ويزعم أن «داعش» ينفذ وصاياهما، ونحن نسأله: ما هذه الوصايا؟

كيف نصدق سيد الحظيرة وأفرادها وهم ينعقون بكلام كثير عن الحرية وحق التعبير، ثم يثبتون أنهم أعدى أعداء الحرية، وأول أعوان الاستبداد، وأشد أنصار الطغيان؟

إنهم يدافعون عن حق الغزاة اليهود في عرض أفكارهم وترجمة كتبهم ومقالاتهم، ولكنهم – يا للعار – يأبون هذا الحق للإسلام ومفكريه، بل إنهم يباركون إغلاق دور النشر التي تصدر كتبهم، ولا ينبسون ببنت شفة عندما تفرض قوى الاستبداد والقهر منع هذه الكتب!

إن العداء للإسلام والولاء للغزاة اليهود هو المحرك الأساس للحظيرة الثقافية وأفرادها، وكثير من أعمالهم ومواقفهم تؤكد ذلك وتثبته، فأغلبهم من الماركسيين الذين رباهم الصهيوني هنري كورييل على كراهية الإسلام وحب الغزاة اليهود في فلسطين، وأذكّر القراء بمسلسل “حارة اليهود” الذي أذاعوه في رمضان الماضي، بل إن وزير الثقافة الحالي يستعيد مقولات الرفاق الهالكين عن هزيمة عام 1967م، وعبور عام 1973م فيزعم أن التفسير الوهمي (يقصد الإسلام) يرى أننا هزمنا في عام 1967م بسبب ابتعادنا عن الله سبحانه وتعالى، وهذا يعني في مفهومه أن “إسرائيل” أقرب إلى الله، بينما الحقيقة تؤكد أن السلطة كانت تحارب الإسلام وتفرغت لقهر الشعب ونسيت الإعداد للقتال ونصرة الله، وهو ما يجعل الأقوى ولو كان كافراً يغلب الأضعف ولو كان مسلماً، إن الحظيرة تكره الإسلام وتحب اليهود الغزاة!

الله مولانا، اللهم فرّج كرْب المظلومين، اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم! 

Exit mobile version